وبعد ذلك يأتي بالبسملة ويأتي بها سراً، هذا هو المشهور من السنة النبوية، ودليله: حديث عائشة الذي تقول فيه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير) يعني: بالتحريم لتكبيرة الإحرام، أي: لا يجعل بدلها سبحان الله، ولا لا إله إلا الله، ولا الحمد الله، ولا لا حول ولا قوة إلا بالله! بل يبدأ الصلاة بقول: الله أكبر، كما أنه يستعمل التكبير في التنقل، الذي هو تكبير الانتقال، فهذا هو المشهور عنه، وهذه التكبيرة ركن، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) ، فجعل التكبير تحريمها، فأخذوا من ذلك أن هذا التكبير ركن، فتكبيرة الإحرام ركن لا تتم الصلاة إلا بها.
تقول عائشة: (والقراءة بالحمد لله) يعني: ويستفتح القراءة بقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] ، هذا هو الذي يسمع المأمومين أول ما يسمعون منه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] ثم يتم الفاتحة، وليس المراد أنه يستفتح القراءة بالفاتحة، بل المراد أنه يأتي بكلمة: الحمد لله رب العالمين مبدأ لقراءته، أي: يبدأ القراءة بهذه الكلمة.
ويأتينا أنه لا يستعمل البسملة، فإن هذا الحديث دليل على أنه لم يكن يأتي بالبسملة -يعني بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم- وقد خالف في ذلك الشافعية فاستحبوا البداءة بالبسملة.
وأجابوا عن حديث عائشة هذا أن المراد: (يستفتح القراءة بالفاتحة) ولكن هذا في الحقيقة كلام لا حقيقة له ولا معنى له، لقد كان يقرأ الفاتحة قبل السورة وكان ذلك معلوماً من صلاته بالضرورة، ولا حاجة إلى ذكره؛ لأنه أشهر من أن يذكر، فكيف يجعل محملاً لهذا الكلام؟! بل الصواب أن محمله أنه يأتي بالقراءة مبدوءة بقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] .
فهذه الجملة الثانية، يعني: في حديث عائشة عشر جمل: