التثويب في أذان صلاة الصبح هو قوله: (الصلاة خير النوم) ، فإذا سمعته فإنك تقول: صدقت وبررت، ولا شك أنك إذا قلت ذلك فأنت تصدقه بما يقول، فتكون بذلك قد أتيت بكلمة تحفزك على الاندفاع إلى هذه العبادة وهي الصلاة، وترك الكسل والنعاس والنوم، فتقول: صدقت وبررت.
وإن قلت مثلاً: (صدق الله ورسوله، الصلاة خير من النوم) ، وجمعت بينهما فذلك أيضاً ذكر وعبادة، أما الاقتصار على قول: الصلاة خير من النوم.
فلا ذكر فيها ولا فائدة، وبعضهم يقول: إذا سمعت المؤذن يقول: الصلاة خير من النوم، فقل: الصلاة خير النوم، فهذه ليست بذكر، ولا فائدة فيها، بخلاف ما إذا قلت: (صدقت وبررت) ونحو ذلك.
وفي الإقامة تتابعه في كلماتها؛ وذلك لأنها كلها ذكر إلا كلمة (حي على الصلاة، حي الفلاح) فتقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وكلمة: (قد قامت الصلاة) ، ورد في حديث أنه عليه السلام لما أقيمت الصلاة قال: (أقامها الله وأدامها) والحديث في إسناده ضعف كما في سنن أبي داود، ولكن سكت عنه أبو داود واعتبره صالحاً للاستدلال، ولو كان في سنده مجهول أو ضعيف، فسكوته عليه يدل على اعتماده، فإذاً: لا مانع من أن تقول: أقامها الله وأدامها؛ وذلك لأن هذا دعاء، والدعاء يثاب عليه الإنسان، وأنت تدعو الله أن يقيم هذه الصلاة فيجعلها قائمة، بمعنى: ظاهرة معلنة، ودائمة، بمعنى: مستمرة دوام هذه الحياة، أي: ما دامت الدنيا باقية.
فهذه دعوة يرجى إجابتها، فهو أفضل من أن تردد الكلمة وتقول: قد قامت الصلاة؛ لأنه لا فائدة في ذلك، فالمؤذن يخبر الحاضرين ويقول: قد قامت الصلاة فقوموا، فمعلوم أنه يخبرهم، وأنت لست تخبرهم، فلا فائدة في أن تقول: قد قامت الصلاة فقوموا.
فالصحيح -إن شاء الله- أنه يدعو بقوله: أقامها الله وأدامها، وهذا أفضل من ترديدها، وعرفنا بذلك أنه يأتي بالكلمات التي فيها ذكر إلا الكلمات التي لا ذكر فيها، كقوله: (حي على الصلاة، حي على الفلاح) فهذه يأتي بدلها بالحوقلة، وكذلك (الصلاة خير من النوم) يأتي فيها بالتصديق، (وقد قامت الصلاة) يأتي فيها بالدعاء لإقامة الصلاة وإدامتها.