هذا الحديث يتعلق بالسنن الرواتب وتسمى أيضاً صلاة التطوع، وفي هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على عشر ركعات تسمى الرواتب، وهي قبلية وبعدية: كان يصلي ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر، هذه الرواتب كان يحافظ عليها طوال وقته إلا إذا سافر فإنه كان يترخص بتركها إلا سنة الفجر.
ولا شك أن هذه السنن نوافل وعبادات من جنس الصلاة، والصلاة من أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله سبحانه وتعالى، فلما كانت من أفضل القربات شرع أن يتنفل، وشرع أن يأتي بزيادة على الفرائض، وأهم ذلك وأفضله ما كان قبل الفريضة أو بعدها في وقتها أو في موضعها، فإن ذلك مما يسهل ومما يهون، حيث إنك تتوضأ للظهر وتصلي سنتها القبلية، وتصلي سنتها البعدية بذلك الوضوء، ولا يكون عليك مشقة.
وهكذا تصلي سنة المغرب بعده، وسنة العشاء بعده، ولا يكون عليك بذلك مشقة، وهكذا أيضاً سنة الفجر تصليها بوضوء واحد ولا يكون عليك مشقة، وقد روي أن الحكمة فيها أنها جبر للنقص الذي يحصل في الفرائض، وفي بعض الأحاديث أنه ينظر في صلاة العبد، فإذا لم يكملها قال الله: (انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فتكمل بها الفريضة) فإذا كانت الفريضة فيها شيء من النقص والخلل؛ فإن الله يُكملها بهذه السنن التي يتطوع بها، وإذا كانت الفريضة كاملة فإن هذه السنن تكون قربات يرفع الله بها العبد درجات، ويثيبه عليها حسنات، وما أعظم ذلك من أجر! فعلى المسلم ألا يحرم نفسه من هذا الأجر، وأن يكثر من النوافل.