ففي الحديث الأول خصلتان متعلقتان بالحيض وخصلة عامة.
فذكرت: (أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد كلاهما جنب) فاستدل العلماء بذلك على جواز غسل الرجل وامرأته من إناء واحد، وقد ذكرت: أنهما تختلف فيه أيديهما، وأن ذلك الإناء يقال له: الفَرَق يسع ثلاثة آصع، حتى إذا كان في آخره يقول: (دعي لي وتقول: دع لي، أي: اترك لي بقية.
فيجوز للزوجان أن يغتسلا معاً، وكانت البيوت في ذلك الوقت ليس فيها أنوار ولا مصابيح، فيكونون في زاوية من الحجرة ويتجردان وكلاهما على جانب من الإناء، فكلاهما يغترف ويصب على رأسه وجسده ويدلكه إلى أن يعمم جسده بالماء؛ لتطهيره من الجنابة، فلا بأس بذلك، مع أنه يجوز للزوجين أن ينظر كل منهما إلى عورة الآخر، فالزوج له أن ينظر إلى جسد امرأته وكذلك المرأة لها أن تنظر إلى جسد زوجها كله، ولذلك قالت عائشة: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه) ؛ لأنه يحل لهن أن يكشفن على جسده.
ومع ذلك ما دام أن كلاهما جالس وكلاهما يغترف وكلاهما مقابل للآخر، والمكان ليس فيه ضياء ولا نور، فلا يلزم أن تبدو العورة.
وقد أمر المغتسل بأن يتستر عن أعين الناس حتى ولو كان في الصحراء (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الاغتسال عرياناً؟ فقال: الله أحق أن يستحيا منه) يعني: إذا كان الإنسان في الصحراء فإن عليه إذا تجرد أن يستر عورته بإزار أو بنحو ذلك؛ لأنه قد يفاجأ بمن ينظره، أو يستحيي من الله أن ينظره على تلك الحال، وإن كان الله لا يخفى عليه منه خافية.