قال المؤلف: [وعن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (يا رسول الله! أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا توضأ أحدكم فليرقد وهو جنب) .
وعن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم إذا هي رأت الماء) ] .
حديث ابن عمر يتعلق بالجنابة وجواز أن ينام الجنب قبل أن يغتسل، ولكن عليه أن يتوضأ قبل أن ينام، ورد في ذلك عدة أحاديث فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها فعله أمر من كان جنباً ولم يتيسر له أن يغتسل أن يخفف الجنابة بالوضوء ثم ينام؛ وذلك لأنه قد يشق عليه الاغتسال في أول الليل إما لبرد وإما لقلق وإما لعدم توافر ماء أو نحو ذلك من الأعذار، فإذا لم يتيسر وأراد أن ينام فعليه أن يخفف ذلك الحدث بأن يتوضأ، وبعض العلماء يقول: عليه أن يستنجي ويتوضأ.
والاستنجاء: هو غسل الفرج وغسل آثار المني، والوضوء: هو غسل الأعضاء الظاهرة المذكورة في قوله: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة:6] إلى آخره.
هذا الوضوء ذهب بعضهم إلى أنه واجب، وأنه يحرم على الجنب أن ينام على جنابة قبل أن يتوضأ؛ لظاهر هذا الحديث ولأحاديث أُخر، ظاهرها الإلزام، ولكن الصحيح أنه للاستحباب؛ وذلك لأنه ثبت عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب من غير أن يمس ماءً) وهو القدوة، يعني: أنه قد يشق عليه أحياناً الوضوء فينام بعد الجماع ولا يتوضأ ولا يستنجي ولا يغتسل، وذلك لبيان الجواز، وأن الأمر ليس للوجوب ولكنه للاستحباب.