الشارب: هو الشعر الذي على الشفة العليا كما هو معروف، وقد وردت السنة بقصه وبحفه وكلاهما بمعنى، وجاء في الحديث: (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى) ، أي: قصوه بالمقص الذي هو المقراض، فالسنة أن يستعمل المقراض في قصة.
ويجوز أن يستعمل غير المقراض كالموسى أو ما يجز به، حيث ورد في بعض الروايات: (جزوا الشوارب وأعفوا اللحى) ، فهذا يدل على مشروعية إزالته ولا شك أنها موافقة للفطرة؛ وذلك لأن إطالة هذا الشعر يعتبر تشويهاً للخلقة، والله تعالى إنما أنبته للزينة، ولكن إطالته لا شك أنها تشويه وتقبيح للمنظر.
ثم أيضاً قد يخرج من الأنف شيء من الفضلات وتعلق به ويتلوث، وكذلك إذا شرب الإنسان وشاربه طويل فقد ينغمس في الشراب فيلوث الشراب على من بعده ويفسد ذلك الشراب، وقد يفسده على نفسه، فمن حكمة الله أن أمر نبيه بهذا وشرع له إزالته وتخفيفه.
ويجوز حلقه، ولكن الأفضل القص، يعني: أن يستعمل المقراض فيه بحيث لا يزيله كله، ولكن يبقى له أثر، فإنه يميز الرجل من المرأة، فإذا بقي أصول الشعر كفى ذلك.
من هذا يتبين لنا أن إعفاء اللحى من خصال الفطرة كما ورد في الأحاديث، والمراد من ذلك تركها، وعدم التعرض لها بإزالة، ولا بقص، ولا بأخذ شيء من جوانبها ونحو ذلك، وليس في هذا الحديث الذي معنا ذكر لها ولكنها في أحاديث أخرى، ولا نطيل فيها؛ لأن المقام ليس لها، ولعله يأتينا ما يناسب الكلام فيها في موضع آخر.