قال المؤلف رحمه الله: [عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط) ] .
هذا الحديث يتعلق بخصال الفطرة، وفسرت الفطرة بأنها السنة، وفسرت بأنها ما فطرت القلوب على استحسانه واستقباح ضده.
يعني: أن هذه الأشياء تستحسنها الفطر السليمة، وفطرت القلوب على ملاءمتها وعلى حسنها وعلى موافقتها للعقل وللجبلة الحسنة، فهي مستحسنة وإن لم تأت بها الشريعة، وقد أخبر الله تعالى بأنه فطر الناس على الإسلام في قوله سبحانه: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:30] ، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة) ، يعني: على الملة الحنيفية، أو على ما تستحسنه الفطر.
الفطرة: الخلقة، يعني: خلقة الإنسان، يقال: أنت فطرت على كذا، يعني: خلقت عليه، فمعناه: أن الفطرة هي التي فطر الناس على استحسانها وعلى العمل بها واستقباح ضدها، فهي تتمثل في هذا، ولا شك أيضاً أنها إذا كانت تستحسنها الفطر فكذلك أيضاً تستحسنها الشرائع.
فإن الشريعة جاءت باستحسانها والأمر بها، وليست شريعة الإسلام فحسب بل كل الشرائع، بل إن الذين لا شرائع لهم يستحسنونها ويشهدون بأنها ملائمة، ولو أن بعضهم تركها وعاند في مخالفة بعضها فإنه لا يعتبر به.