مشروعية الرق

الأصل في الرق أنهم كانوا إذا قاتلوا المشركين واستولوا على ذراريهم، واستولوا على نسائهم، ملكوا الذراري والنساء، وسموا ذلك سبياً، فيقال: سبينا منهم كذا وكذا امرأةً، وكذا وكذا صبياً، ونحو ذلك.

ومن ذلك قصة بني قريظة، لما نقضوا العهد، وتعاونوا مع قريش وغطفان الذين جاءوا أحزاباً، فلما انصرفت الأحزاب حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم، وحكم فيهم سعد بن معاذ: أن تقتل المقاتلة، وتسبى النساء والذرية، فكانوا يقتلون الرجال البالغين، وكانوا ينظرون من أنبت الشعر منهم فهو دليل على بلوغه فيقتل، ومن لم ينبت خلي سبيله، وجعل مع السبي، فصاروا سبياً، أي: مماليك.

وكذلك لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر قتل من قتل منهم، واستولى على النساء وعلى الذرية، وأصبحوا مماليك، وكان من جملتهم صفية التي اصطفاها لنفسه وتزوجها، وجعل عتقها صداقاً لها، فأصبحت من أمهات المؤمنين.

ومن ذلك أيضاً قصة بني المصطلق لما أغار عليهم وهم غارون، فقتل من قتل منهم، وهرب رجالهم، واستولى على أموالهم وعلى نسائهم وذراريهم وأصبحوا مماليك، وكان من جملتهم جويرية بنت الحارث التي كانت في سهم بعض الأنصار، فكاتبته؛ لأنها كانت بنتاً لسيد بني المصطلق، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه بكتابتها، فدفع عنها ثمنها وتزوجها، ولما تزوجها أعتق المسلمون جميع بني المصطلق وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتق بسببها مائة بيتٍ.

فهذه أمثلةٌ من الكفار الذي كان صلى الله عليه وسلم يقاتلهم ويسبيهم، وهذا دليل على أنه كان يسبي حتى العرب؛ لأن بني المصطلق من العرب، ومع ذلك سباهم واستباح ذراريهم.

ومن ذلك أيضاً قصة هوازن: لما أنهم تقاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حنين ثم انهزموا، استولى على أموالهم وعلى ذراريهم وعلى نسائهم، فقسم صلى الله عليه وسلم الأموال، وقسم النساء والذرية بين الغانمين، ولكن بعد مدةٍ جاء أهل هوازن مسلمين وقالوا: رد علينا ما أخذت، فخيرهم وقال لهم: اختاروا إما السبي وإما المال، فاختاروا السبي -الذي هو النساء والذرية- فرده صلى الله عليه وسلم عليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015