الأصل في الأضحية أنها عن الأحياء، فالإنسان يضحي عنه وعن أهل بيته وعن أقاربه الأحياء، ولكنها جائزة عن الأموات؛ وذلك لأنها صدقة من الصدقات، فإذا ضحى عن أبويه شاتين، عن أبيه واحدة وعن أمة واحدة، أو عن إخوته الأموات، أو عن أعمامه أو أقاربه الذين قد ماتوا؛ نفعهم ذلك، وحصل له أجر بذلك؛ لأنها صدقة، فيصل أجرها إلى الأموات، وقد ورد في الحديث قول رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن أمي ماتت، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم) ، فمن الصدقة ذبح الأضحية، فينوي أجرها لأقاربه الأموات، كما يجوز للحي أن يوصي بضحية أو أضاحي يجعل ثوابها لأقاربه، ولهم الأجر في ذلك.
وإذا قل نفعها أو قل الانتفاع بها فالأولى ألا يسرف فيها، بل يقتصر على ما يجزئ أو على ما يضحي به عامة الناس دون الإسراف، فإذا كان هناك وقف في أضاحي، وهذا الوقف مثلاً غلته عشرة آلاف كل سنة أو عشرون ألفاً فلا يقول: أشتري أضاحي بثمانية آلاف، أو بعشرة آلاف أو نحو ذلك، بل يضحي بما يضحي به الناس، فإذا اشتريت ضحية بخمسمائة أو بستمائة أو بسبعمائة كفت، والبقية تصدق بها على الفقراء والمعوزين، تصدق بها في غير وقت كثرة اللحوم، فلو أنه اشترى بالبقية لحماً في رمضان وتصدق به، أو في أي شهر من السنة؛ لأثيب على ذلك، وكذلك لو تصدق به دراهم أو طعاماً على المستضعفين والمستحقين لقبل منه ذلك إن شاء الله، فمن الإسراف أن يشتري ضحية من وصية بخمسة آلاف أو بسبعة آلاف أو نحو ذلك، ويصرفها جميعاً في هذه الأضحية، فهذه الأضحية التي بخمسة آلاف أو نحوها تقوم مقامها ضحية بخمسمائة ويكتفى بها، ويتصدق بالباقي في وجوه الخير، حتى ينتفع الميت بأجر مستمر، وذلك من أجر مؤقت منقطع.