وهذا المعنى الذي ذكره الشافعي من تقسيم المراسيل إلى (صحيح محتج به، وغير محتج به) ، يؤخذ من كلام غيره من العلماء، كما تقدم عن أحمد وغيره بقسيم المراسيل إلى صحيح، وضعيف، ولم يصحح أحمد المرسل مطلقا، ولا ضعفه مطلقا، وإنما ضعف مرسل من يأخذ عن غير ثقة، كما قال في مراسيل الحسن وعطاء، وهي أضعف المراسيل، لأنهما كانا يأخذان عن كل.
وقال أيضا: لا يعجبني (مراسيل) يحيى بن أبي كثير، لأنه يروي عن رجال ضعاف صغار.
وكذا قوله في مراسيل ابن جريج، قال: بعضها موضوعة.
وقال مهنا: قلت لأحمد: لم كرهت مرسلات الأعمش؟ قال: كان الأعمش لا يبالي عمن حدث.
وهذا يدل على أنه إنما يضعف مراسيل من عرف بالرواية عن الضعفاء خاصة، وكان أحمد يقوي مراسيل من أدرك الصحابة، فأرسل عنهم.
قال أبو طالب: قلت لأحمد: سعيد بن المسيب، عن عمر، حجة؟ قال: هو عندنا حجة، وقد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟ ومراده أنه سمع منه شيئا يسيرا، لم يرد أنه سمع منه كل ما روى عنه، فإنه كثير الرواية عنه، ولم يسمع ذلك كله منه قطعا.
ونقل مهنا عن أحمد أنه ذكر حديث إبراهيم بن محمد بن طلحة، وقال: قال عمر: "لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء"، قال: فقلت له: هذا مرسل عن عمر؟ قال: نعم. ولكن إبراهيم بن محمد بن طلحة كبير.