وكلامه إنما هو في صحة المرسل وقبوله، لا في الاحتجاج للحكم الذي دل عليه المرسل، وبينهما بون.
وبعد أن كتبت هذا وجدت أبا عمرو بن الصلاح قد سبق إليه، وفي كلام أحمد إيماء إليه، فإنه ذكر حديثا رواه خالد بن أبي قلابة، عن ابن عباس، فقيل له: سمع أبو قلابة من ابن عباس أو رآه؟ قال: لا، ولكن الحديث صحيح عنه، يعني عن ابن عباس، وأشار إلى أنه روي عن ابن عباس من وجوه أخر.
(ثم وجدت في كلام أبي العباس بن سريج في رده على أبي بكر بن أبي داود ما اعترض به على الشافعي أن مراد الشافعي أن المرسل للحديث يعتبر أن توجد مراسيله توافق ما أسنده الحفاظ المأمون، فيستدل بذلك على أن لمراسيله أصلا، فإذا وجدنا له مرسلا بعد ذلك قبل، وإن لم يسنده الحفاظ.
وكأنه اعتبر أن يوجد الغالب على مراسيله ذلك، إذ لو كان معتبرا في جميع مراسيله لم يقبل له مرسل حتى يسنده الثقات، "فيعود الإشكال".
وهذا الذي قاله ابن سريج مخالف لما فهم الناس من كلام الشافعي مع مخالفته لظاهر كلامه - والله أعلم -) .