فيبحث في رواياته وينظر هل رواياته واحدة في كل الأماكن؟ وهل هي واحدة في كل الأزمان؟ وهل هي واحدة عن كل الشيوخ؟ ولا بد أن يجد الناقد أن الثقة يقوى في بلد ويضعف في أخرى، ويقوى في زمن ويضعف في زمن آخر، ويقوى في رجل ويضعف في آخر.

وهكذا فإن علم العلل يتابع الثقة في مختلف الأماكن ومختلف الأزمنة ومختلف الشيوخ الذين يروي عنهم، ومختلف الظروف التي تعتريه، من ضياع كتاب أو فقد عزيز أو فقدان البصر، ويتناوله من حيث ممارسته لحديث كل شيخ من شيوخه أو قلة ممارسته.

ومن هنا كان تتبع ثقة من الثقات في ضوء علم العلل يحتاج إلى جهود كبيرة، وقد ذكرت مصادر هذا العلم أن ابن المديني صنف علل ابن عيينة في ثلاثة عشر جزءا.

رابعا: ومن خلال دراسة شرح علل الترمذي استخلصت أسباب العلة في الحديث وأعدتها إلى ثمانية أسباب رئيسية، وأظن أن هذه الأسباب تجمل وتذكر مجتمعة لأول مرة إن شاء الله. وقد أبرزت السبب العام الذي هو الضعف البشري الذي لا يسلم معه أحد من الوهم مهما علت مرتبته وسمت مكانته. وفصلت موضوع الاختلاط، وتكلمت عن الأسباب العارضة. وعند كل سبب من هذه الأسباب كنت أسوق عددا من الأمثلة التطبيقية.

خامسا: في موضوع الكشف عن العلة بينت أن العلة لا تخضع معرفتها للفيوض الوجدانية، والكشوف، والتأملات الباطنية، وإنما تظهر العلة لممارس هذا العلم الذي حوى من المعارف ما يجعله قادرا على تتبع مسارب الإسناد ومساراته، والتقائه بغيره وافتراقه عنه.

وأما كلام عبد الرحمن بن مهدي أن معرفة العلة كالعرافة، فإنما هو محمول على كلام العالم بالعلة في مقابل الجاهل الذي لا يعرف شيئا عن هذا العلم.

ثم تكلمت عن وسائل الكشف عن العلل، وقد أوجزت في ذكر أهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015