فأؤمن بفتنة القبر ونعيمه.
هذا أول ما يكون في اليوم الآخر، إذا وضع الميت في قبره، وانتُهي من دفنه، وتولى عنه مشيعوه، وأنه ليسمع قرع نعالهم، يأتيه ملكان فيقعدانه فتعاد روحه في جسده، ويحيى حياة برزخية ليست مثل حياته في الدنيا، حياة برزخية لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، فيسألانه: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فالمؤمن يقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه مات على الإيمان فيبعث عليه، {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27] .
فإذا أجاب بهذه الإجابات نادى مناد: « «أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وافتحوا له بابا من الجنة» » ، ويوسع له في قبره مد بصره حتى يرى منزله في الجنة، ويأتيه من روحها وطيبها، ويصبح قبره روضة من رياض الجنة، ويقول: يا رب أقم الساعة حتى أعود إلى أهلي ومالي.
وأما المنافق الذي كان يعيش في الدنيا على الشك، يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. ويقرأ القرآن، ويتعلم العلم، ولكن ليس في قلبه إيمان، إنما يعمل هذه الأشياء لمصالح دنيوية، ليعيش مع الناس، وهو لا يؤمن بها في قلبه، {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [آل عمران: 167] ، فهذا لا يستطيع الجواب وإن كان في الدنيا يحفظ كل المتون، ويحفظ كل الأشعار والنحو والتفسير والحديث، ما دام ليس فيه إيمان لا يستطيع الإجابة في القبر في هذه اللحظة، كلما سئل