قبل القراءة على كل حال في الصلاة وغيرها، وحملوا الأمر في ذلك على الندب، وذهب آخرون إلى الوجوب، وجنح الإمام الرازي في تفسيره وحكاه عن عطاء بن أبي رباح، وأوضح ذلك وبالغ داود الظاهري وأصحابه في ذلك حتى أبطلوا صلاة من لا يستعيذ، وهو قول ظاهر القوة: أعني القول بالوجوب، وأما ما ينقل عنهم أو عن غيرهم من الاستعاذة بعد القراءة لظاهر الآية فليس بصحيح عنهم ولا عن غيرهم كما بينه في النشر.
البسملة مصدر بسمل إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم، كما يقال هلل وهيلل: إذا قال لا إله إلا الله، وكذا حوقل وحولق: إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وكذا حيعل وحمدل وحسبل وكأنها لغة مولدة أريد بذلك الاختصار، وهي مستحبة عند ابتداء كل أمر مباح أو مأمور به؛ وهي من القرآن في قصة سليمان في النمل بلا خلاف (?)، وأما في أوائل السور فالخلاف فيها مشهور بين القراء والفقهاء في كل موضع رسمت، والظاهر أنها من ذلك لأنها كتبت بقلم الوحي، والله تعالى أعلم. وأتبع باب الاستعاذة بباب البسملة على حسب ترتيبها في القراءة، والبسملة تأتي في ثلاثة مواضع إذا ابتدأ سورة أو موضعا منها أو بين السورتين، فابتدأ بالثالث للاختلاف فيه فقال:
بسمل بين السّورتين (ب) ي (ن) صف ... (د) م (ث) ق (ر) جا وصل (ف) شا وعن خلف
أي قرأ بالبسملة بين السورتين قالون وعاصم وابن كثير وأبو جعفر والكسائي بغير خلاف عن أحد منهم، وكذلك الأصبهاني عن ورش كما سيأتي التنبيه عليه في البيت الآتي، ووجه البسملة عند من بسمل كتابتها في المصاحف العثمانية واعتقد بعضهم أنها آية، ووصل السورة بالسورة من غير بسملة حمزة، وورد الوصل والسكت عن خلف في اختياره، وأتى باسمه، لأنه ليس له رمز كما تقدم.
واختلف عن الباقين في السكت والوصل والبسملة كما سيأتي في البيت الآتي؛ فوجه البسملة كتابتها في المصاحف العثمانية، ووجد الوصل عدم اعتقاد كونها