قال: [وحدثنا هارون بن معروف وأبو الطاهر كلاهما عن ابن وهب -واللفظ لـ هارون -حدثنا عبد الله بن وهب قال: وأخبرنا عمرو بن الحارث، أن يزيد بن أبي حبيب والحارث بن يعقوب حدثاه عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن سعد بن أبي وقاص، عن خولة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا نزل أحدكم منزلاً فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه).
قال يعقوب: وقال القعقاع بن حكيم الكناني المدني، عن ذكوان السمان أبي صالح، عن أبي هريرة أنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة).
أي: لقد نزلت البارحة منزلاً فلدغتني عقرب، فهو يقول له: أنت لم تعرف الذي حصل البارحة؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: [(أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك)].
يعني: لا يمكن أن تلدغك.
وتصور أن واحداً من الصحابة رضي الله عنه يقول هذا وهو معتقد أن العقارب والخفافيش وحشرات الأرض وهوامها ودوابها لا يمكن أن تقربه إلا بإذن الله، لذا فقد كان معظم الصحابة أهل بادية، والبادية معروفة بالحشرات السامة القاتلة، فالواحد منهم كان يقول كلمة ثم ينام على عقيدة أنه لا يمكن لأي شيء يأتيه.
قال: [وحدثني عيسى بن حماد المصري، أخبرني الليث، عن يزيد، عن جعفر] رجال السند كلهم مصريون، فـ عيسى مصري، والليث مصري، ويزيد مصري، وجعفر وهو ابن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة مصري.
قال: [عن يعقوب أنه ذكر له أن أبا صالح السمان مولى غطفان أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رجل: (يا رسول الله! لدغتني عقرب).
بمثل حديث ابن وهب].
قوله: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من سوء القضاء، ودرك الشقاء، وشماتة الأعداء، وجهد البلاء) أما درك الشقاء فهو إدراك ما يشقى به المرء، والاستعاذة من سوء القضاء يدخل فيها سوء القضاء في الدين والدنيا والبدن والمال والأهل، وقد يكون ذلك في الخاتمة، وأما درك الشقاء فيكون أيضاً في أمور الآخرة والدنيا.
ومعناه: أعوذ بك أن يدركني شقاء.
أما شماتة الأعداء فهي: فرح العدو ببلية تنزل بعدوه.
يقال: شمت -بكسر الميم وفتحها- فهو شامت واشمته غيره.
وأما جهد البلاء فروي عن ابن عمر أنه فسره بقلة المال وكثرة العيال.
وقال غيره: هي الحالة الشاقة.
أما قوله: (أعوذ بكلمات الله التامات) قيل: معناه: الكاملات.
أي: أعوذ بكلمات الله الكاملات التامات التي لا يدخلها نقص ولا عيب.
وقيل: أعوذ بكلمات الله النافعة الشافية المانعة، والمراد بالكلمات هنا: القرآن الكريم.
وفي هذا جواز الاستعاذة أو التعوذ أو الرقية بكلام الله عز وجل.