باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا

يعني: أن يقول: يا رب! إذا كان مقدر لي عقوبة في الآخرة فعجلها لي في الدنيا.

قال: [حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني حدثنا محمد بن أبي عدي عن حميد -وهو ابن أبي حميد الطويل - عن ثابت بن أسلم البناني عن أنس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ).

خفت يعني: ضعف وهزل، لم يبق إلا قليل من الجلد على العظم من فرط ما نزل به من ضر ومرض حتى صار كالفرخ.

[فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه -وهذا علم من أعلام النبوة- قال: كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا)].

هذا بيت القصيد وموطن الفرج.

[قال النبي عليه الصلاة والسلام: (سبحان الله! سبحان الله! لا تطيقه).

فهذا اعتداء في الدعاء، وقال: (لا تطيقه) يعني: لو كان ربنا تقبل منك دعاءك والله لا تطيقه في الدنيا.

وفي رواية: (لا تستطيعه) ثم أخذ يعلمه كيف يدعو.

[قال: (أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار)].

فدعا الرجل بها فشفاه الله.

أي: فدعا الرجل المريض بهذا الدعاء: (اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار)، فشفاه الله عز وجل.

[حدثنا عاصم بن نضر التيمي حدثنا خالد بن الحارث حدثنا حميد بهذا الإسناد إلى قوله: (وقنا عذاب النار).

ولم يذكر الزيادة.

وحدثني زهير بن حرب حدثنا عفان بن مسلم الصفار حدثنا حماد أخبرنا ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من أصحابه يعوده وقد صار كالفرخ.

بمعنى حديث حميد غير أنه قال: (لا طاقة لك بعذاب الله).

ولم يذكر.

فدعا الله له فشفاه].

وفي هذا الحديث: النهي عن الدعاء بتعجيل العقوبة، بل يطلب من الله العفو والعافية.

وفيه: فضل الدعاء بهذا الدعاء الثابت: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).

وفيه: جواز التعجب بقول: (سبحان الله).

وفيه: استحباب عيادة المريض والدعاء له.

وفيه: كراهة تمني البلاء؛ لئلا يتضجر منه ويسخطه، وربما شكا الله عز وجل لخلقه: وأظهر الأقوال في تفسير الحسنة في الدنيا: أنها العبادة والعافية.

وتفسير: (وفي الآخرة حسنة) الجنة والمغفرة، هذا أصح الأقوال فيها، وإلا ففيها أقوال كثيرة جداً منها: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة) أي: الزوجة الصالحة، (وفي الآخرة حسنة) يعني: الجنة والمغفرة.

والمختلف فيه هو الحسنة في الدنيا.

قيل: هي الزوجة الصالحة.

وقيل: هي التقوى.

وقيل: هي العلم.

وقيل: هي العافية.

وقيل: هي الطاعة، ولا يمنع أن تحتمل الآية جميع هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015