بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فقد جاء في الصحيح أن عبادة بن الصامت رضي الله عنه دخل السوق بدمشق، فرآهم يبيعون الذهب بالذهب مفاضلة يعني: يبيعون جراماً بجرامين، أو ثلاثة جرامات بستة جرامات، وهذا ربا، فلابد أن يكون الذهب بالذهب مثلاً بمثل يداً بيد، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فمن زاد أو استزاد فقد أربى).
يعني: من أعطى زائداً، أو طلب زائداً فقد قارف الربا.
فلما رآهم على ذلك عبادة أنكر عليهم، ومر معاوية بالسوق، فوجد عبادة ينكر على أهل السوق بيعهم وشراءهم على هذا النحو، فقال: إنا لا نحسب إلا هذا، وكأن معاوية يقول: لم نسمع هذا من النبي عليه السلام.
فقال عبادة: أنا أقول لك قال رسول الله، وتقول: ما سمعناه؟! والله لا أساكنك في أرض أنت بها.
ثم أخذ عبادة سوطه وانطلق إلى المدينة، فقال عمر: ما جاء بك؟ قال: لقد حدث كيت وكيت، هذا الذي جاء بي.
فقال: ارجع قبح الله أرضاً لست بها.
فانظر إلى قول عمر: قبح الله أرضاً لست بها.
لم يقل له: أنت متزمت ومتشدد.
وكتب رسالة مع عبادة إلى معاوية: يا معاوية! لا إمرة لك على عبادة.
وعبادة بن الصامت هو راوي حديث: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، حيث قال عبادة: [إن نبي الله صلى الله وعليه وسلم قال: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه).
وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر - وهو المعروف: بـ غندر - حدثنا شعبة عن قتادة قال: سمعت أنس بن مالك يحدث عن عبادة بن الصامت عن النبي عليه الصلاة والسلام.
مثله].
قال: [حدثنا محمد بن عبد الله الرزي -وهو من الأرز، فالنسبة رزي أو أرزي، وفي كتاب الأنساب: الرزي نسبة إلى بيع الرز.
وقيل: أرزي لأن الرز أصله: أرز- حدثنا خالد بن الحارث الهجيمي حدثنا سعيد - ابن أبي عروبة البصري - عن قتادة] إذا روى سعيد عن قتادة فإنه سعيد بن أبي عروبة البصري لا أحد غيره.
[حدثنا سعيد عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه.
فقلت: يا نبي الله! أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت)].
والمعنى: أن المرء إذا لقي الله لابد أن يموت فكلنا نكره الموت، إذاً: هو يكره لقاء الله، والفوز بالجنة متعلق بالموت؛ فكلنا يكره الموت، [فقال: (ليس كذلك)] ليس هذا معنى الحديث.
[قال: (ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله)] وهذا يكون في ساعة الاحتضار والغرغرة وبلوغ الروح الحلقوم، تأتيك الملائكة فيقولون لك: انظر إلى مكانك في النار فتنظر إليه قبل أن تخرج الروح فيقولون: (هذا مكانك في النار غير أن الله تعالى أبدلك به مكانك في الجنة فانظر إلى مكانك في الجنة) فتنظر إلى مكانك في الجنة، فحينئذ تفرح بلقاء الله عز وجل.
أما العبد الفاجر الكافر فتأتيه الملائكة فيقولون: انظر إلى مكانك في الجنة، فينظر فيفرح بذلك، فيقولون: غير أن الله تعالى أبدلك به مكانك في النار، فينظر إلى مكانه في النار فيكره الموت، وهذه الكراهة هي كراهة لقاء الله عز وجل.
قال: [(ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه).
حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن بكر - وهو المعروف بـ الجرجاني أبو عثمان البصري - حدثنا سعيد عن قتادة بهذا الإسناد].
والإسناد السابق يعني: قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة.
[وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر -وهو القرشي، أبو الحسن الكوفي الحافظ الكبير- عن زكريا - وهو ابن أبي زائدة - عن الشعبي -وهو عامر بن شراحيل - عن شريح بن هانئ] وهو أبو المقدام الكوفي ثقة مخضرم.
ومعنى مخضرم: أسلم في حياة النبي عليه الصلا