قال: [حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر -المعروف بـ غندر - حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت أبا عبيدة يحدث عن أبي موسى رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)] أي: حين ينتهي هذا العالم، وتفنى هذه الدنيا، وهذا في التوبة العامة.
قال الإمام النووي: بسط اليد استعارة في قبول التوبة، قال المازري: المراد به قبول التوبة، وإنما ورد لفظ بسط اليد؛ لأن العرب إذا رضي أحدهم الشيء بسط يده لقبوله، وإذا كرهه قبضها عنه، فخوطبوا بأمر حسي يفهمونه، وهو مجاز، فإن اليد الجارحة مستحيلة في حق الله تعالى.
هذا كلام الأشاعرة، وقلنا مراراً: إننا نثبت صفات الله عز وجل على الوجه اللائق به سبحانه، ومنها: اليد، فلا ندري كيفية هذه اليد؛ لأننا لا ندري كيفية الذات، وبالتالي فلا ندري كيفية الصفات، أما صفات الفعل لله عز وجل فمنها صفة البسط، أعني: بسط اليد، والبسط في حقنا هو مد اليد، وحتى مد اليد أو البسط على اختلاف بين شعوب العرب نفسها.
ولو حملنا بسط اليد على قبول التوبة -كما قال المازري - لقلنا: إن الله تعالى لا يبسط يده حقيقة، ونحن نؤمن أن ما وصف الله به نفسه، وما وصفه به رسوله حقيقة على المعنى اللائق به سبحانه.
وقد سألت طفلاً بدوياً في سنة 85 عن حال أبيه فقال: مبسوط، فلما زرته وجدته مريضاً طريح الفراش، فأخبرته بما قال لي ولده، فقال: كلمة (مبسوط) عندنا تعني: أنه نائم في فراشه، بخلاف ما هي عليه عندنا، إذ هي بمعنى فرحان، وعليه فكلمة (مبسوط) لها مدلولات كثيرة، فلمَ لا تحمل مدلولاً عظيماً يليق بأفعال الله عز وجل؟ وأن الله تعالى يبسط يده لعباده المسيئين بالليل والنهار ليتوبوا، فيقبل الله تعالى توبتهم، وبسط اليد وإن كان حقيقة إلا أن الكيفية تختلف عن بسط يد العباد، أو يد المخلوقات، وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة، فيؤمنون بأن الله تعالى يغضب، ويفرح، ويأتي، ويذهب، ويجيء، ويقبض، ويبسط، وغير ذلك من أفعال ذاته سبحانه وتعالى على المعنى اللائق به تبارك وتعالى، ولذلك كلام الإمام النووي غير سديد.