تعريف اللقطة لغة واصطلاحاً

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أما بعد: فمع بعض الأحكام الفقهية المتعلقة باللقطة: أولاً: تعريف اللقطة: هو من اللقط الذي هو الأخذ، كما قال الله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ} [القصص:8]؛ أي: فأخذوه.

فاللقط بمعنى: الأخذ والتناول.

وهذا في اللغة.

وقلنا من قبل: إذا أردنا أن نعرف شيئاً أو مصطلحاً فله تعريف في اللغة وتعريف في الاصطلاح.

أي: اصطلاح أهل التخصص.

فاللقطة عند اللغويين بمعنى: الالتقاط والأخذ.

أما شرعاً: فهي مال محترم غير محرز لا يعرف الواجد مستحقه.

فقولهم: (مال محترم): احتراز من المال الغير محترم.

والمال المحترم هو مال معصوم، والأصل في المال أنه معصوم، ولا يخرج عن هذه العصمة إلا بسبب شرعي، حتى وإن كان مال كافر فإنه معصوم، والأموال كالفروج، وما دام فرج الكافر معصوماً فينبغي أن يكون ماله كذلك معصوماً، ومن استحل المال لزمه أن يستحل الفرج؛ لأنه لا فارق في الشرع بين الأموال والأعراض.

وقولهم: (غير محرز): أي: ملقى على الأرض.

ولو أني أخذت مالاً محرزاً فالتكييف أو الوصف الشرعي أن فعلي هذا يصير سرقة، لأنه يشترط في السرقة: أن يكون مالاً محرزاً، أما في اللقطة فيشترط ألا يكون محرزاً.

وقولهم: (لا يعرف الواجد مستحقه).

يعني: لا يعرف من التقطه، وإلا لو كان الواجد والملتقط يعرف صاحبه فيجب عليه أن يدفعه إليه، لكنه وجد المال ولا يعرف مستحقه.

وهذا قيد يخرج به أحد أمرين: الأول: إما أنه يعرف صاحبه فيجب عليه الدفع إليه.

الثاني: أو أنه مال عام.

أي: من الأموال المباحة لكل أحد، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من أحيا أرضاً ميتاً فهي له)، فلو أن رجلاً أحيا قطعة أرض فوجد في باطن الأرض معادن من الذهب والحديد والورق وغير ذلك من كنوز الأرض، فهذا مال مباح لمن وجده بشرط أن يؤدي زكاته، وهي زكاة الركاز، وهو حر في بقية المال، لا يحل لأحد قط لا حكومة ولا غير حكومة أن يأخذوا هذا المال منه؛ لأنه مال مملوك له على سبيل أنه مال عام في أرض عامة، فليس في الإسلام شيء اسمه الأرض هذه ملك الحكومة إلا أن تكون أرضاً عامة لمنافع الناس مثل الطريق فلا يملكه أحد ولا حتى الحكومة تملكه، فهو ملك عام لكل من مر فيه كل إنسان مسلم وكافر، فالشارع ملك للجميع؛ لأنه جعل في انتفاع الناس عامة، فلا يجوز السطو على الشارع والبناء فيه أو غير ذلك من باب أنه غير مملوك، فهذا مال عام له ملاك وهم جنس المنتفعين به أينما كانوا، أما المال العام فينتفع به من أصلحه ومن أخذه ومن التقطه.

الأمر الثاني: ألا يعرف الواجد مستحقه.

يعني: لا يعرف لمن هذا المال، أما إذا كان مالاً لا يملكه أحد كهذه الأموال العامة أو الصحراء المترامية الأطراف فالشرع يجيزها لمن أصلح جزءاً منها أو أحاط على جزء منها وبدأ العمل فيها، ولا يحل لأحد من الأشخاص العامة أو الخاصة أو الشخص المعنوي الذي هو الحكومة أو جهة إدارية، أو غير إدارية، لا يحل لها أبداً أن تعطل هذه المسيرة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قد أجاز وشرع له: أنه إذا استصلح شيئاً من هذه الأرض أن يتملكها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015