باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض

الباب السابع والستون: باب وجوب طواف الوداع، وسقوطه عن الحائض.

طواف الوداع في الحج بلا خلاف واجب على الحجاج، ويجوز لك الجمع بالنية بين طواف الإفاضة الذي هو ركن، وبين طواف الوداع الذي هو واجب، وطواف الإفاضة في يوم النحر، وسمي الإفاضة لأن الإنسان يفيض من منى إلى مكة، أي: ينزل من منى إلى مكة، ثم يرجع إلى منى فيبقى بها ثلاثة أيام، فمن انطلق من منى إلى مطار جدة ليركب الطائرة أو الباخرة ولم يطف طواف الوداع فإن عليه دماً؛ لأن طواف الوداع للحج واجب، وبعض أهل العلم قالوا باستحبابه للمعتمر.

والصواب بل الصحيح: أنه لا طواف وداع للمعتمر أياً كانت عمرته في أي وقت من السنة شاء.

أما طواف الوداع فواجب، وقيل: سنة، والراجح أنه واجب يجبر بدم، يعني: من فرط فيه أو قصر فيه فعليه الدم حتى لو تركه ناسياً أو جاهلاً، فإنه يرتفع عنه الإثم وتبقى عليه الكفارة، وهي: ذبح شاة لفقراء الحرم.

فالذي يطوف طواف الإفاضة في يوم النحر يلزمه بعد انتهائه من الحج طواف آخر هو طواف الوداع، ولو أخر طواف الإفاضة لليوم الثالث أو الرابع، وجمع بالنية بينه وبين طواف الوداع جاز ذلك وأجزأه، لكنه لا يعجل ويقدم طواف الوداع مع طواف الإفاضة ويطوفهما طوافاً واحداً في يوم النحر لاختلاف الزمان.

وسمي طواف الوداع وداعاً لأنك ستغادر مكة بعده مباشرة، ولذلك ذهب كثير من أهل العلم إلى عدم الاتجار بعد طواف الوداع؛ لأنه سيطوف طواف الوداع وينطلق من المسجد الحرام إلى سفره مباشرة، فلا يجوز ولا يصح أن يطوف إنسان في يوم النحر مع طواف الإفاضة مع أنه يعلم أنه يبقى أكثر من ثلاثة أيام في منى أو في بلد الله الحرام.

وفي صحيح مسلم وعند البخاري كذلك أن الحاج لا يجوز له البقاء في مكة بعد أداء الحج ثلاثة أيام إلا أن يكون مجاوراً، يعني: إلا أن ينوي البقاء في مكة، أما الذي أتى إلى الحج فبعد ثلاث ينطلق.

قال: [قال ابن عباس: (كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت)] أي: بالطواف، يعني الناس لما كانوا يرمون الجمرات في ثالث أيام التشريق ثم ينطلق كل واحد منهم إلى حال سبيله، فالرسول عليه الصلاة والسلام قال: (لا ينصرفن أحدكم -أي: بعد أداء الحج- حتى يكون آخر عهده بالبيت) بالطواف.

وهذا بخلاف طواف الإفاضة.

وفي حديث ابن عباس: [(أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض)].

يعني: المرأة الحائض ليس عليها طواف وداع، إنما عليها طواف الإفاضة، ولكنها تؤخره حتى يرتفع عنها الدم، وأهل العلم في هذا الزمان يفتون بجواز أن تتعاطى المرأة أدوية ترفع الدورة حتى يتم حجها؛ وعائشة لما حاضت في الحج كان الأمر بيد النبي عليه الصلاة والسلام، فكان له أن يصدر أوامره للصحابة كلهم بالبقاء في مكة اليوم الثاني والثالث إلى أن تنتهي الدورة.

أما الآن فيطلب منك أن تكون في المطار الساعة كذا، وفي الميناء الساعة كذا، وإن تأخرتم فإنه سيترككم.

فالعلماء جوزوا أن تتعاطى المرأة أي أدوية ترفع الدورة وتحتفظ بها حتى يتم حجها، أو تتم عمرتها.

أما الصيام فليس في ذلك ضرورة، إنما في ذلك تنطع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015