قال: (بيان أن القارن لا يتحلل من إحرامه إلا في اليوم الذي يتحلل منه المفرد)، والمفرد يتحلل يوم النحر، إما تحللاً أصغر بأداء منسكين، وإما تحللاً أكبر بأداء ثلاث مناسك منهن الطواف والسعي؛ لأن النساء لا يحللن للرجال إلا بعد الطواف والسعي.
فإذا كان الحاج مفرداً فإنه يذهب مباشرة إلى منى، أو إلى عرفات إذا لم يدرك يوم التروية، ولا شيء عليه؛ لأن إدراك يوم التروية في منى من السنن وليس من الواجبات، وكذلك المبيت بمنى في هذه الليلة ليس بواجب، بل هو مسنون، فإذا أتى الرجل وأدرك الوقوف بعرفة فإنه ينزل بعد ذلك إلى مزدلفة بعد غروب شمس التاسع، فيصلي المغرب والعشاء جمع تأخير بمزدلفة، ويبيت بها وجوباً، ثم ينطلق بعد ذلك -أي: بعد شروق الشمس من يوم النحر- إلى منى، ثم يرمي جمرة العقبة الكبرى بعد الزوال -أي: بعد الظهر في يوم النحر- ثم يحلق، وبذلك يتم له التحلل الأول الذي يحل له كل شيء إلا النساء.
فإذا نزل إلى مكة -أي: أفاض إلى مكة وهو يطوف طواف الإفاضة ويسعى بين الصفا والمروة حل له كل شيء حتى النساء، وهذا يسمى عند أهل العلم التحلل الأكبر، ولا يبقى هناك محظور من محظورات الإحرام التي تعرفنا عليها آنفاً.
والمفرد ليس عليه هدي كما اتفقنا، إنما الهدي على المتمتع والقارن؛ ولذلك ذهب أهل العلم كما عرفنا في الدروس الماضية إلى أن أفضل صور الحج الإفراد لكماله وتمامه، وهم يرون أن الهدي عند القران والتمتع إنما هو لجبر خلل ونقص في الصورة، هذا الخلل وهذا النقص يتمثل في عدم إلزام القارن والمتمتع بالخروج من الميقات يوم التروية.