السبب في اللغة: ما يتوصل به إلى غيره.
وفي الشرع: هو ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته.
وفيما يلي نذكر هذه الأسباب: السبب الأول: النكاح، نقصد به عقد زواج صحيح؛ حتى لا يترتب على عقد الزواج الفاسد أو الباطل آثار، فإن وقع الطلاق بعد الزواج الصحيح فإن كان معقوداً عليها فليس لها إلا طلقة واحدة وتبين بينونة كبرى، فإذا أراد زوجها أن يراجعها فبمهر جديد وبعقد جديد، يعني: يتزوجها زواجاً جديداً بمهر وعقد جديدين، ويبقى لها عنده طلقتان، أو واحدة إذا كان قد طلقها مرة ثم طلقها بعد زواجه مرة أخرى.
أما إذا كان الطلاق بائناً فلا توارث بينهما بعده، أي: إذا كان الطلاق بائناً بينونة كبرى، أو بينونة صغرى، بمعنى: أن المرأة طلقت طلاقاً أولياً أو ثانياً، ثم انتهت عدتها؛ فهذا يسمى طلاقاً بائناً بينونة صغرى، وبالتالي فإنها تحل لزوجها الذي كانت معه بمهر جديد وعقد جديد.
أما المرأة المطلقة طلاقاً بائناً بينونة كبرى، يعني: طلقت ثلاث طلقات، ثم انقضت عدتها من الطلقة الثالثة؛ فإنها تحل لغيره، ولا تحل له إلا إذا تزوجت بغيره، ثم طلقت طلاقاً طبيعياً بغير اتفاق ولا تحليل، وأراد زوجها الأول أن يراجعها، أو يتزوجها زواجاً جديداً بثلاث طلقات؛ فيجوز ذلك، يعني: له عليها طلقات ثلاث جدد.
أما إذا كان الطلاق بائناً فلا توارث بينهما بعده، إلا إذا كان المطلق قد أوقع الطلاق فراراً من ميراث زوجه، بأن أوقعه في مرض موته دون أن يطلبه الآخر، وأنتم تعرفون أن هذا الأمر يحصل كثيراً، فقد يقوم الرجل بتطليق زوجته لأجل حرمانها من الميراث: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء:12].
فلابد أن يكون طلاقاً لا يقصد به إلحاق الضرر؛ ولذلك إذا أوصى شخص مثلاً بكل أمواله فلا تنفذ هذه الوصية؛ لأن الوصية لا تحل له إلا في ضمن الثلث، ولا تجوز بالزيادة على الثلث إلا بإجازة الورثة، فلا تنفذ هذه الوصية إلا في حدود الثلث رغماً عن الورثة، وفيما زاد عن الثلث لا تنفذ إلا بإرادة وموافقة الورثة، وإلا فلا نفاذ لها.
فهذا الرجل يطلق امرأته في مرض موته لأجل الإضرار بها وحرمانها من الميراث، فإن ماتت الزوجة قبله بعد هذا الطلاق لم يرثها، بينما هي بنفسها ترث إذا مات وهي حية، وهو لا يرثها؛ معاملة له بقصده الذي كان قد قصده.
أما إذا مات قبلها فإنها ترثه رغم أنها مطلقة، لكنها مطلقة أولاً بقصد الضرر.
ثانياً: مات وهي لا تزال في العدة، وأنتم تعلمون أن المرأة في العدة لها حق الميراث.
أما إذا مات قبلها فإنها ترثه ما لم تنقض عدتها؛ معاملة له بنقيض قصده، ومن ثم جاءت المادة الحادية عشرة من القانون: وتعتبر المطلقة طلاقاً بائناً في مرض الموت في حكم الزوجة إذا لم ترض بالطلاق، يعني: إذا رضيت سقط حقها في الميراث، وإذا لم ترض وأثبتت أن هذا الطلاق إنما تم لأجل الإضرار بها؛ فإنها زوجة وترث.
السبب الثاني: الولاء بين المالك وبين من أعتقه من عبيده، حيث يرث الأول الثاني، يعني: أن المالك هو الذي يرث العبد.
ومعلوم أن الرق قد ألغي وحرم قانوناً؛ لأنه لا بد أن تعلموا أن هناك قاعدة: ما دام أنه لا يوجد جهاد إذاً فليس هناك رق نهائياً.
وقد ورد في متن الرحبية أسباب ميراث الورى فقال: أسباب ميراث الورى ثلاثة كلٌ يفيد ربه الوراثة وهي نكاح وولاء ونسب ما بعدهن للمواريث سبب أي: ليس هناك سبب رابع.
وبهذا تنتهي أيضاً المقدمة في موانع الإرث، ومعنى الميراث وأسباب الميراث.
وإن شاء الله في الدرس القادم يكون لنا مقدمة أيضاً في أصحاب الفرائض والعصبات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.