[حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة].
أبو الزناد عبد الله بن ذكوان المدني، يروي عن الأعرج عبد الرحمن بن هرمز المدني، وروايته عن أبي هريرة معروفة ومشهورة.
[عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من أطاعني فقد أطاع الله)] إذاً: طاعة الرسول من طاعة الله عز وجل.
ومن الناس من يقول: أنا لا آخذ من السنة شيئاً، يكفيني كتاب الله عز وجل آخذ منه ما شئت، أأتمر بأوامره وأنتهي عن نواهيه، أما السنة فقد دخلها الزيغ والتحريف؛ ولذلك طُعن في بعض رواة السنة على المعنى الدقيق، ولذلك أنا لا أعتمد مطلقاً على حديث يأتيني في كتاب من كتب السنة، وإنما عندي القرآن آخذ بآياته من أوله إلى آخره.
وإن من يقول ذلك لاشك أنه إما جاهل ومقلّد لغيره، وإما أنه علماني جاحد ملحد يلحد في أسماء الله تعالى وكتابه؛ وذلك لأن الله تعالى قد أمر في كتابه بطاعة الرسول استقلالاً، والذي يأخذ بالقرآن ماذا يصنع بهذه الآيات الكثيرة التي تأمر بطاعة الرسول؟ وما قيمة أخذك بالقرآن دون أن تأخذ ما جاءك من جهة الرسول وأنت مأمور بطاعة الرسول، ففيم تطيعه إذاً؟ إذا كنت تزعم أنك تأخذ بالقرآن فقط فأطع الله في أمره بطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام، فكيف تطيع الله دون أن تأخذ بسنة نبيه عليه الصلاة والسلام؟ [عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله)] وربما يكون المعنى: (من يطعني فكأنما أطاع الله، ومن يعصني)؛ لأن الرواية حملت في سياقها صيغة الماضي وصيغة المضارع (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله) ولم يقل: ومن عصاني، وإنما قال: (ومن يعصني) وأنتم تعلمون أن فعل المضارع يفيد الاستمرار.
أي: ومن يعصني إلى يوم القيامة، فقد عصى الله تعالى: [(ومن يطع الأمير فقد أطاعني)] فأي أمير يُبعث عليك فطاعته من طاعة الرسول.
قال: [(ومن يعص الأمير فقد عصاني)] إذا كانت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله، ومعصية الرسول صلى الله عليه وسلم هي معصية لله، وطاعة الأمير من طاعة الرسول، ومعصية الأمير من معصية الرسول فإن طاعة الأمير من طاعة الله، ومعصية الأمير من معصية الله.
ولا شك أن المستمع لهذه النصوص يعلم يقيناً أنه لا يمكن استقامة هذا الدين في قلوب الخلق إلا إذا تعاملوا مع الخالق سبحانه وتعالى، فلو أن أميراً أمرني بأمر وركبت هواي وقلت: لن أطيعك في شيء، وعلمت بالوازع الإيماني الموجود في قلبي أن رفضي لأمر الأمير إذا أمرني بطاعة الله تعالى وخدمة الجيش والجند يوجب علي عقاب الله عز وجل لأطعت الأمير؛ وذلك لأن عصياني لأمر الأمير هو عصيان في الحقيقة لله عز وجل ولرسوله؛ فلو أن هذه المعاني لم تكن مكتملة في قلبك لفسدت الدنيا والآخرة، ولذلك المسلم دائماً والعربي خاصة يحتاج إلى وازع إيماني يتعامل به مع الله عز وجل، ثم يفيض هذا الوازع على المعاملة مع الخلق، فلو لم يكن الوازع الديني على أشده في قلب العبد المؤمن فإنه لا يمكن أن يستقيم له أمر ولا نهي؛ لأنه لا يستشعر مراقبة الله عز وجل، فالذي يفقد هذا المعنى لا بد أنه سيضيع أمره، ويتشتت شمله في دنياه وآخرته، فالذي يطيع الأمير كأنما يطيع الرسول، والذي يطيع الرسول كأنما يطيع الله تعالى.
إذاً: الذي يطيع الأمير يطيع الله ورسوله في الحقيقة، والذي يعصي الأمير يعصي الله ورسوله في الحقيقة، فلا بد لكل إنسان أن يتعامل مع الله عز وجل.
قال: [وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا ابن عيينة -أي سفيان - عن أبي الزناد بهذا الإسناد ولم يذكر (ومن يعص الأمير فقد عصاني).
وحدثني حرملة بن يحيى التجيبي المصري أخبرني ابن وهب عبد الله القاضي المصري أخبرني يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب أخبره قال: حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني)].
قوله: (ومن عصى أميري) وقوله: (ومن أطاع أميري) جعل بعض أهل العلم يذهبون إلى أن هذا الحديث خاص بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم أمراء على السرايا، ولكن جماهير العلماء قالوا: هذا عام في كل أمير إلى يوم القيامة بدليل أنه قد جاء في معظم الروايات: (ومن يعص الأمير) (ومن يطع الأمير)، ولم يقل: أميري.
قال: [وحدثني محمد بن حاتم حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا ابن جريج عن