حكم الهلال إذا رؤي في بلد يختلفون عن غيرهم في الليل والنهار

يقول الإمام النووي رحمه الله: (حديث كريب وابن عباس ظاهر الدلالة للترجمة، يعني: أن لكل بلد رؤيتهم، وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم) وأنا أؤكد على قوله: (لما بعد عنهم)؛ لأن المذهب الراجح الذي يترجح لدينا: هو أن أهل بلد إذا رأوا الهلال لا يثبت حكمه لمن اختلفوا معهم في الليل والنهار.

قال: (والصحيح عند أصحابنا -أي: عند الشافعية- أن الرؤية لا تعم الناس) يعني: المذهب الراجح عند الشافعية أن الرؤية لا تعم الناس، بل تختص بمن قرب.

إذاً: ما هو حد القرب والبعد؟ هو الاشتراك في الليل والنهار، أن نكون جميعاً على خط متقارب من خط الاستواء، فلو نحن رأينا الهلال مثلاً في مصر فهل يلزم البلدان المجاورة لمصر العمل بهذه الرؤية؟ لقد انطبع في أذهان الناس أنهم يتوجهون في بداية شهر رمضان إلى بلاد الحجاز ويعتمدون رؤيتهم،

و Q لم الحجاز بالذات؟ الحجاز ما هي إلا بلد من بلدان المسلمين، هي كمصر وليبيا والجزائر وتونس والعراق والأردن وسوريا وغيرها من البلدان، فإذا سمعت خبراً من سورية يقول: قد رأينا الهلال هل تعتمد هذه الرؤية؟ لا تعتمدها؛ لأنك اعتدت على أن ترتبط في عبادتك ببلد معين، وأنا أقول: إن رؤية أهل هذه البلاد التي ذكرتها والتي لم أذكرها ممن قرب من البلدان تلزم جميع البلدان، والأسبقية لمن سبق.

تكلمنا عن الحساب الفلكي وقلنا: إنه يستأنس به ولا يعتمد عليه، وفي السعودية ينظرون في الحساب الفلكي، لكنهم لا يعتمدونه أصلاً، والحكومة السعودية تمنح جائزة لمن رأى الهلال عشرة آلاف ريال في كل شهر، وهذا حدا ببعض الناس أن يسارعوا إلى الإعلان بأنهم قد رأوا الهلال وهم في الحقيقة لم يروه، ولذلك ثبت عدة مرات في الأعوام المتأخرة أن بدء رمضان كان في السعودية على غير حقيقته، وهذا ليس مطعناً عاماً في أهل البلاد، وإنما مطعن فيمن م يتق الله عز وجل.

فالأصل في هذا الأمر أنه يتم بلا جائزة وبلا منحة، وجائزته عند ربه.

لكن الذي أريد أن أنبه عليه لو أن أحداً رأى الهلال في مصر فإنه يلزم جميع البلاد، وإن لم يره أهل الحجاز، ولو ظهر الهلال ورئي رؤيا العين في سوريا وفي بغداد من رجل ثقة أمين عدل فإنه يلزم جميع أهل القطر، فإننا نعنى ونهتم في كل شهر ببدايته ونهايته على كل خبر يأتينا عن ثقة من أي بلد من هذه البلاد، ولكن لا نعتمد الاعتماد الكلي على بلاد الحجاز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015