شرح حديث: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار)

قال: [حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قالوا: حدثنا إسماعيل، وهو ابن جعفر].

الإمام مسلم سمع من الثلاثة جميعاً قالوا: حدثنا إسماعيل، فلما كان إسماعيل في هذه الطبقة كثيرين، خشي الإمام مسلم عليه رحمة الله أن يختلط إسماعيل بن جعفر بغيره، فقال: وهو ابن جعفر؛ تمييزاً له عن غيره.

قال: [عن أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين)].

قوله: (إذا جاء رمضان) هذا يدل على جواز إطلاق هذا الاسم على الشهر دون أن تقول: شهر رمضان، وبعض أهل العلم كرهوا أن يقال: رمضان هكذا بغير إضافة، قالوا: ولا يصح إلا أن يقال: شهر رمضان.

والصواب الذي أيدته الأدلة: أن إطلاق رمضان على الشهر دون إضافة أمر صحيح، وإنما القول بعدم جواز ذلك غير صحيح؛ لأنه اتكأ على دليل ضعيف، وهذا الدليل الضعيف هو أن رمضان اسم من أسماء الله عز وجل، فإذا قلت: إذا جاء رمضان، يعني: إذا جاء الله عز وجل، فقالوا: مخافة أن يقترن هذا الشهر بالخالق؛ لأن الشهر اسمه رمضان، والله عز وجل من أسمائه رمضان، ولذلك كرهوا أن يقال في الشهر: رمضان، دون أن تقول: شهر رمضان، لكن الدليل الذي قضى بأن من أسماء الله عز وجل رمضان دليل ضعيف جداً، وأسماء الله عز وجل توقيفية لا يجوز فيها الاتكال على دليل غير صحيح؛ لأن الدليل الضعيف لا يعمل به في أرجح أقوال أهل العلم في فضائل الأعمال فضلاً عن الأحكام، فضلاً عن العقيدة، فضلاً عن الباب الذي هو بيت القصيد في الاعتقاد في أسماء الله تعالى وصفاته، فإذا سقطت حجة هذا الفريق القائل بأن من أسماء الله تعالى رمضان، فيبقى لنا أصل الجواز، هذا من جهة الحجة العقلية، وأما من جهة النقل فالنبي عليه الصلاة والسلام هو أعلم الناس بربه، وهو الذي قال: (إذا جاء رمضان)، ولم يقل: إذا جاء شهر رمضان.

قوله: (فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين).

أما فتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النار فهو من رحمة الله عز وجل وفضله لهذه الأمة، فلما كثرت طاعة المسلمين وإقبالهم على الله عز وجل في هذا الشهر بادر الله عز وجل بفتح أبواب الجنة، ولذلك لم يقل النبي عليه الصلاة والسلام: فُتِحَت أبواب الجنة وهو الفتح الطبيعي، وإنما قال: (فُتِّحَتْ) وهي صيغة مبالغة في فتح هذه الأبواب، أي: كل باب يفتح على مصراعيه، ومصراع الباب الواحد من أبواب الجنة كما بين المشرق والمغرب.

فهذه الأبواب تفتح عن آخرها استقبالاً لأهل الله عز وجل، للصائمين والقائمين والذاكرين والتالين وغير ذلك من أقسام الطاعة.

ومن مزيد فضله عز وجل على هذه الأمة أن يغلق أبواب النيران في هذا الشهر العظيم، يعني: توصد تمام الإيصاد، وتغلق تمام الإغلاق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015