قال: (وفي هذا الحديث دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه في صحة الاعتكاف بغير صوم، وفي صحته بالليل كما يصح بالنهار، وسواء كانت ليلة واحدة أو بعضها أو أكثر، ودليله حديث عمر هذا: (إني نذرت أن أعتكف ليلة)، وليست محلاً للصيام.
وأما الرواية التي فيها اعتكاف يوم فلا تخالف رواية اعتكاف ليلة؛ لأنه يحتمل أنه سأله عن اعتكاف ليلة وسأله عن اعتكاف يوماً)، يعني: حدث منه هذا وذاك.
قال: (فأمره بالوفاء بما نذر، فحصل منه صحة اعتكاف ليلة واحدة لما أمره باعتكاف الليل، ثم أمره باعتكاف النهار حسبما وجه إليه من سؤال، فهذا يدل على صحة الاعتكاف في الليل كما يصح الاعتكاف في النهار.
وفي رواية عند الدارقطني بإسناد جيد لما نذر عمر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: (أوف بنذرك، فاعتكف عمر ليلة).
فهذا صريح في أن الاعتكاف قد تم بالفعل، (فاعتكف عمر ليلة)، وهذا مذهب الشافعي، وبه قال الحسن البصري وأبو ثور وداود وابن المنذر، وهو أصح الروايتين عن أحمد.
قال ابن المنذر: وهو مروي عن علي وابن مسعود، وقال ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير والزهري ومالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق في رواية: لا يصح إلا بصوم، وهو قول أكثر العلماء).
وهذا القول ليس قولاً سديداً ولا صحيحاً، وإنما الصحيح صحة الاعتكاف من غير صوم، وأنت تعمل هذا في الحياة العملية، ففي رمضان عندما تريد الاعتكاف تذهب إلى عملك صباحاً وترجع عصراً إلى معتكفك ثم تخرج منه في الفجر.
ففي الحقيقة أنت لم تعتكف صائماً، وإنما اعتكفت مفطراً في الليل، وكثير من الناس يدخل المعتكف بعد أن يفطر في بيته ويذهب إلى المسجد لصلاة العشاء، وينوي الاعتكاف إلى الصلاة، وهذا على رأي ضعيف.