وإساف ونائلة وهذان لا يخفيان على أحد، فقد كانا صنمين من أصنام العرب في بيت الله الحرام، وإساف كان على الصفا، ونائلة كانت على المروة، وإساف رجل، ونائلة امرأة، وهي أمور مخزية جداً.
وبعض الناس قد يسمي ابنه يساف، وفي الرواة من اسمه يساف، مثل عبد الرحمن بن يساف، ولغة هذيل التخفيف، والأصل فيه إساف، ولغة هذيل يبدلون الهمزة ياء، فيقولون: يساف، وهذه اللغة تسميها العرب لغة التسهيل أو التخفيف، فـ إساف هو يساف، وكان رجلاً.
وكان إساف رجلاً، ونائلة كانت امرأة، وكلاهما من قبيلة جرهم، وكانا يتعشقان في أرض اليمن، فهما أصلهما يمنيان، وقبيلة جرهم كانت في جنوب اليمن، فكانا يحبان بعضهما، ويريدان الوقيعة، ولما كان هذا عيباً في قبيلة جرهم أتيا الحج بعيداً عن الأهل والجيران والأقربين وغير ذلك، فدخلا البيت، فوجدا غفلة من الناس وخلوة في البيت ففجرا فيه.
وتصور أن رجلاً نفسه تطاوعه أن يفجر ويفحش داخل بيت الله الحرام، هذا لا يصح أن يكون إنساناً إلا في صورته، فمسخا حجرين بمجرد أن وقعت منهما الفاحشة، هذا حجر على صورة رجل، وهذه حجر على صورة أنثى، فأصبح الناس فوجدوهما ممسوخين، فأخرجوهما ووضعوهما عند الكعبة؛ ليتعظ الناس بهما؛ لأنهما فجرا في الكعبة، والكعبة لها حرمة، فوضعوهما في ذلك المكان ليتعظ الناس بهما، ثم مع تقادم الأجيال وذهاب جيل ومجيء آخر عبدوهما من دون الله عز وجل، فحسن الظن وحده لا يجدي ولا ينفع.
قال: فلما طال الزمان وعبدت الأصنام عبدا مع سائر الأصنام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة وجد حول البيت ثلاثمائة وستين صنماً، على عدد أيام السنة العربية، وقد اختلف أهل العلم هل كان الداخل يعبد كل هذه الأصنام، أم كل واحد داخل يعبد صنماً معيناً، أم صنماً واحداً يعبد في كل يوم ثم لا يعبد في بقية أيام السنة؟ فلما دخل النبي عليه الصلاة والسلام مكة فاتحاً أتى الكعبة وكان يشير بعصاه إلى هذه الأصنام الثلاثمائة والستين، فإذا أشار إلى صنم بعصاه خر تراباً، فيفقد القوة والصلابة بمجرد إشارة النبي عليه الصلاة والسلام، وهذه قدرة إلهية من الله عز وجل.
قال: (وجعل يطعن بقوسه وجهها وعيونها ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء:81]).
وهي تتساقط على رءوسها ثم أمر بها فأحرقت، أو فأخرجت من المسجد وطَهُر منها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.