ثم اللات وكانت إله العرب بالطائف، والطائف بجوار مكة، وتبعد عنها شيئاً يسيراً حوالي سبعين كيلو أو يقل قليلاً، فقد اتخذ أهل الطائف اللات، وهي أحدث من مناة، فقال أهل الطائف وهم ثقيف: ما دام أن الأوس والخزرج اتخذوا لهم مناة إلهاً فنحن نتخذ لنا اللات إلهاً بجوارنا، حتى يكون إلههم وصنمهم بينهم، ولا يأتون إلى قرب المدينة أو قرب يثرب في ذلك الوقت، وكانت اللات عبارة عن صخرة مربعة بنوا عليها بيتاً، وكان سدنتها من ثقيف، والسدنة هم الخدم، مثل سدنة الحسين وسدنة البدوي، فهؤلاء سدنة لهذه الأوثان؛ لأن هذه أصنام أو أوثان وليست قبوراً، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد).
وكانت قريش وجميع العرب تعظمها، أي: تعظم اللات، فلم تزل كذلك حتى أسلمت ثقيف، أي: دخل أهل الطائف في الإسلام، فبعث النبي عليه الصلاة والسلام المغيرة بن شعبة فهدمها بل حرقها بالنار.
وبعضهم يقول: اللات ليست حجارة، وإنما هو رجل كان يلت العجين والسويق للحجيج، وهذا على قراءة من قرأ: (اللاتَّ) بالتشديد، وهو اسم فاعل ممن يلت العجين لتاً ويصنعه خبزاً للقادمين في مواسم الحج والعمرة.
قالوا: وكان هذا رجلاً من العرب يلت السويق والعجين ويقدمه للحجيج، فلما مات صوروا له تصاوير، ثم عظموه، فلما تقادم العهد أتى الأحفاد ثم أحفادهم فعبدوا هذا الرجل.