الصحيحان لم يستوعبا المسائل المتعلقة بالأيمان

والمعلوم أن كل كتاب من كتابي الصحيحين لا يشمل جميع الفرعيات المتعلقة بالباب، فلو رجعنا مثلاً إلى الكتاب السالف الذكر وهو كتاب النذور لوجدنا أن الإمام مسلماً ذكر بعض مسائل النذور؛ لأنه ذكر الروايات التي هي على شرطه فقط، وكذلك البخاري عليه رحمة الله لما صنف كتاب النذور ذكر المسائل المتعلقة بالروايات التي على شرطه كذلك.

ولو راجعت كتاب الأيمان أو كتاب النذور في أي كتاب من كتب الفقه خاصة الكتب الموسعة أو الموسوعات لوجدت زيادات عظيمة جداً وأدلة أخرى كثيرة من الكتاب والسنة لم ترد في الصحيحين أو في أحدهما.

ومرد ذلك إلى أن هذين الكتابين هما في الحديث لا في الفقه ابتداءً.

والأمر الثاني: أن كل واحد من أصحاب الصحيحين له شرط في الرواية في صحيحه، ولذلك فهو لا يدخل في صحيحه إلا ما كان على شرطه، ولذلك نجد أحاديث كثيرة جداً في النذر وأحكامه وكفارته وغير ذلك في سنن أبي داود أو في سنن الترمذي أو في مسند أحمد أو في موطأ مالك أو في غيرها ولا نجدها في الصحيحين؛ لأنها ليست على شرط البخاري ولا على شرط مسلم، ولذلك لا تجدها في هذين الكتابين.

ولا يعني هذا أن البخاري قصر أو أن مسلماً قصر، بل إنما التزم كل واحد منهما أن يروي ما صح عنده على شرطه، والإمام مسلم اشترط ذلك صراحة في صحيحه، والبخاري علم أنه اشترط بالاستقراء؛ لأن البخاري عليه رحمة الله لم يقل: أنا شرطي في صحيحي كيت وكيت وكيت، وإنما علم أن له شرطاً أسد وأشد وأقوى من شرط مسلم باستقراء أهل العلم الذين أتوا من بعده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015