Q أحد الإخوة يقدح في الشيخ ابن باز وفي العلامة محمد بن عبد الوهاب، بل ويقدح في المذهب الحنبلي، وهذا الشخص لا علم له إطلاقاً، ويبدو أنه سمع هذا القدح من بعض أهل البدع، فأرجو أن توجه نصيحة له، فهو الآن يسمعك، وأرجو ذكر كلمة ولو مختصرة في الدفاع عن هؤلاء العلماء؟
صلى الله عليه وسلم هؤلاء العلماء ليسوا في حاجة إلى دفاعنا، فإنهم جبال شامخات، وهم ليسوا في حاجة إلى كلمة منا، وأحذر هذا الأخ أن تنزل عليه صاعقة من السماء فتجتاحه، أو أن الله تعالى يسلط عليه أقرب الناس إليه فيذله ذلاً.
وأذكر بهذه المناسبة أننا كنا في أثناء غزو العراق للكويت في أحد النوادي في شارع الهرم، وكان بعض إخواننا على خلاف مع الشيخ ابن باز فيما يتعلق بمسألة استقدام الكفار أو الأجانب إلى الجزيرة، ثم زاد استهزاء وسخرية وتهكماً على الشيخ ابن باز، وكان يلعب الكرة، فذهب مسرعاً إلى أقصى حد ليأتي بها بعد أن تهكم في الملعب على الشيخ ابن باز، فظل يجري حتى ارتطم بحائط النادي فوقع ميتاً في الحال، فأيقنت -وأنا موقن، ولا أزكي الشيخ على الله رحمه الله- أنه من أولياء الله عز وجل، وأنه من أهل العلم الأفذاذ، فقد ضرب في كل فن من فنون العلم بباع طويل.
وأذكر هذا الأخ وغيره ممن يقعون في أهل العلم بما أخرجه ابن عساكر عن كثير من أهل العلم: أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، ومن تعرض لهم بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب.
وتصور أن رجلاً يمشي على الأرض وقلبه ميت بسبب وقيعته في أهل العلم، واعلم أن الأمر كما قال ابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما: الغيبة والنميمة حرام في حق الكافر المسالم -وهو ضد المحارب- وهي أشد حرمة في حق المسلم، حتى إن كان ما تقوله فيه حقاً، وهي في أعظم درجات الحرمة إذا كانت في حق أهل العلم؛ لأنهم ليسوا كغيرهم من الناس، يعني: إن الوقيعة في المسلم العادي حرام، وأما الطعن والوقيعة في أعراض أهل العلم فهو باب عظيم من أبواب الصد عن سبيل الله عز وجل؛ لأن هؤلاء العلماء هم الدلالة بيننا وبين الله عز وجل، وهم الذين يبينون عن الله عز وجل، أي: يبلغوننا مراد الله تعالى من كلامه، ومراد رسوله عليه الصلاة والسلام من كلامه، فهم الواسطة بيننا وبين فهم كلام ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام، فإذا وقعت فيهم فمن الذي يبلغنا؟ ومن الذي يعلمنا؟ فالوقيعة في العلماء إنما هو قطع للصلة بين الأمة وبين علمائها، والقدح في العالم بكلمة واحدة تسقط هيبته والثقة به، فلا يتبعه أحد بسبب كلمة واحدة.
وقائل هذا الكلام من أجهل الناس، وغالباً ما يكون -وهذا أمر مطرد- جاهلاً لا يعرف أهل العلم ولا فضلهم، ولا معنى أن هذا عالم، ولا غير ذلك، فهو بعد أن جهل كل هذا هان عليه الوقيعة في أهل العلم وفي غيرهم.
فإذا كان يتعرض لأهل العلم بهذا الكلام القبيح فمن باب أولى أن يتعرض لعموم الأمة بالتكفير والتبديع والتفسيق، وهذا باب عظيم جداً من أبواب أهل البدع.
أسأل الله سبحانه أن يغفر لهذا الأخ، وأن يهديه ويهدينا الصراط المستقيم.