الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أما بعد: النذر في اللغة: هو الإيجاب.
وبين هذا التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي وجه عظيم من أوجه الشبه، وهو: أن المرء يوجب على نفسه ما لا يوجبه الله عز وجل عليه.
وهو في اصطلاح الفقهاء: إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى بالقول شيئاً غير لازم بأصل الشرع.
وقوله: (مكلف) احتراز من غير المكلف، وغير المكلف هو الصبي الذي لم يبلغ، والمجنون غير العاقل، فلو أن مجنوناً ألزم نفسه بنذر لم يلزمه الوفاء؛ لأنه ليس مكلفاً، كما أن الصبي الذي لم يبلغ لو نذر لله نذراً مشروطاً أو مطلقاً وتحقق شرطه فإنه لا يلزمه الوفاء بالنذر؛ لأنه ليس من أهل التكليف.
وكذلك لو أكره عبد مكلف عاقل على النذر لله عز وجل لم يلزمه الوفاء؛ لأن الإكراه في أصح أقوال أهل العلم لا يقع به التكليف.
فلو أن صاحب السلطة حبس رجلاً في زنزانة وحمله على أن يطلق امرأته وإلا فعل به كيت وكيت وكيت، وهو قادر على تنفيذ تهديده لم يقع طلاقه، أما إن كان لا يملك ولا يقدر على إيقاع التهديد فلا، فشرط الإكراه أن يملك المكرِه تنفيذ ما هدد إيقاعه بالمكرَه، فلو أن مكرهاً أكره على النذر لم يلزمه الوفاء.
فالنذر في الشرع: هو إلزام مكلف عاقل مختار على نفسه لله عز وجل ما لم يوجبه الشرع ابتداء عليه، كأن يقول المكلف العاقل البالغ المختار: يا رب! لو أني نجحت في الجامعة فسأذبح لله شاة، فهذا نذر مشروط بالنجاح، وهو لم يكن يلزمه لو لم ينذر، فالنذر هو: إلزام المكلف العاقل البالغ المختار نفسه ما لم يلزمه الشرع ابتداءً.
وهناك ارتباط وثيق بين المعنى اللغوي للنذر وبين المعنى الاصطلاحي، فالنذر في اللغة هو: الإيجاب، وفي الاصطلاح هو: إيجاب العبد المكلف البالغ العاقل المختار على نفسه ما لم يكن واجباً عليه ابتداء لله تعالى.
فهناك شبه قوي بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي.