قال: [وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا هاشم بن القاسم، وحدثنا إسحاق بن إبراهيم -وهو المعروف بـ ابن راهويه الإمام الكبير- أخبرنا أبو عامر العقدي كلاهما عن عكرمة بن عمار، وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وهذا حديثه -أي: وهذا السياق سياق الدارمي - أخبرنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا عكرمة -أي: ابن عمار - حدثني إياس بن سلمة حدثني أبي سلمة بن الأكوع قال: (قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)] يحكي القصة باستفاضة، والذي يحكيها باستفاضة هو الإمام عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي.
[يقول سلمة بن الأكوع (قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)] أي: قدموا من المدينة حتى وصلوا إلى الحديبية وهو موضع قبيل مكة، والمعروف مكانه بصلح الحديبية.
قال: [(ونحن أربع عشرة مائة)] أي: ألف وأربعمائة رجل.
وقيل: ألف وثلاثمائة وقيل: ألف وخمسمائة، والراجح وهو مذهب جمهور العلماء والرواة: أنه ألف وأربعمائة شخص.
قال: [(وعليها خمسون شاة لا ترويها)] أي: مع هذا الوفد العظيم جداً خمسون شاة فقط، ولاشك أن هذه الشياه لا تكفي هذا العدد ولا ترويهم.
قال: (فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبا الركية) والركية هو: البئر.
وجبا أي: حافة.
فقعد النبي صلى الله عليه وسلم على حافة البئر، وربما كان المقصود: أن ماء الحديبية لا تروي تلك الشياه، فهذا الماء إما أن يكون قليلاً لا يكفي لري هذه الشياه، وإما أن تكون هذه الشياه المقصود: أنها إذا حُلبت لا تروي هذا العدد الكثير.
قال: [(فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبا الركية، فإما دعا وإما بسق فيها)] أي: في بئر الحديبية قعد على حافتها، إما دعا وبرّك في الماء، وإما بسق وبصق وبزق بمعنى واحد، الثلاثة بمعنى التفل.
فقال: [(فجاشت فسقينا واستقينا)] أي: فاض البئر بالماء وامتلأ.
وهذا فيه إثبات معجزة محسوسة للنبي عليه الصلاة والسلام، أنه ببصاقه اجتمع هذا الماء الكثير في هذا المكان حتى شرب الجميع وسقوا الشياه.