عقبة بن أبي معيط هو الذي أتى بسلا جزور.
السلا: هي تلك اللفافة التي يكون فيها الولد، وهي عند جميع الحيوانات تسمى السلا، وعند المرأة تسمى المشيمة.
والمشيمة معروفة، فقال: إن بني فلان قد ذبحوا جزوراً لهم بالأمس -والجزور هو البعير أو الجمل- فاذهب يا عقبة! وائتنا بسلا هذا الجزور، فضعوه بنتنه ونجاسته ودمه وقيحه على ظهر محمد وبين كتفيه وهو ساجد لربه عند الكعبة.
انظروا إلى أي مدى تعرّض النبي صلى الله عليه وسلم للأذى! بلا شك أن الأمة كلها لو كانت في هذا الموقف بدلاً من محمد عليه الصلاة والسلام لكان هذا أخف وطئاً من أن يكون هذا النتن على ظهر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
ويُرد بهذا النص على من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرّض لأذى كما تتعرض أمته الآن.
فقد سنّ النبي عليه الصلاة والسلام لنا تحمّل هذا الأذى والصبر عليه، فكان أوّل من أوذي في هذه الأمة، سُب وشُتم ولُعن وأُوذي في أهله وفي نسائه وفي خاصة نفسه، وطرد من أحب البلاد والبقاع إليه إلى غيرها من البلدان، وأُوذي في أصحابه، فأمر بتهجيرهم إلى الحبشة هجرة أولى ثم ثانية، ثم أوذي في أصحابه فأمرهم بالهجرة إلى المدينة فسبقوه إليها، ثم هاجر هو عليه الصلاة والسلام، وترك هو وأصحابه الأهل والأموال والأولاد كل ذلك ليبيعوا أنفسهم لله تعالى وأرواحهم وأموالهم؛ لأنهم يعلمون أن المقابل لذلك هي تلك السلعة الغالية الجنة.