قال: [حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن شقيق -وهو أبو وائل شقيق بن سلمة الكوفي - عن عبد الله قال: (كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: رب! اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)].
وهذا يدل على مزيد شفقته عليه الصلاة والسلام على قومه.
هل منا أحد يقول ذلك؟ لو أن أباك المسلم ضربك وشجك وكسر رباعيتك فإنك ستدعو عليه مع أنه أبوك ومع أنه مسلم، فانظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال لهؤلاء المشركين يدعو لهم: [(اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)] وهذا منتهى الشفقة والرحمة والرأفة، وهو ينضح الدم عن جبينه.
قال: (وفي هذا: بيان ما كانوا عليه صلوات الله وسلامه عليهم من الحلم والتصبر، والعفو والشفقة على قومهم، ودعائهم لهم بالهداية والغفران، وعذرهم في جنايتهم على أنفسهم بأنهم لا يعلمون، وهذا النبي المشار إليه من المتقدمين، وقد جرى لنبينا صلى الله عليه وسلم مثل هذا يوم أحد).