المبحث الثاني: أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الفخر بالأحساب والأنساب، وأثبت أن هذا من فعل الجاهلية، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يدعونهن: الطعن في الأنساب، والفخر بالأحساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة).
والحديث عند مسلم من حديث أنس.
فهنا النبي عليه الصلاة والسلام قد افتخر بجده عبد المطلب في الظاهر: (أنا ابن عبد المطلب) فكيف ينهى عن الفخر ويفتخر هو؟
صلى الله عليه وسلم إن النبي عليه الصلاة والسلام هو ابن عبد الله بن عبد المطلب، لكن عبد الله مات شاباً قبل أن يكون له وزن في قومه وعشيرته، حتى كاد يُنسى، وكانت العرب قبل الإسلام تنادي محمداً عليه الصلاة والسلام بأنه محمد ابن عبد المطلب، فخاطبهم النبي عليه الصلاة والسلام بما كانوا ينادونه به قبل الإسلام: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب) وهذا ليس من باب الفخر، ولكنه من باب نسبة الرجل بما اشتهر به، فاشتهر بجده أو بأمه أو بلقبه أو كنيته أو قبيلته أو بلده أو عمله، فيسن حينئذ أن يُنسب الرجل إلى ما يعلم به حتى لا يختلط بغيره.
فلو قال: أنا محمد بن عبد الله فربما يكون في أصحاب الذين يقاتلون معه أنه محمد بن عبد الله، لكنه خاطبهم بما كانوا يعرفون آنفاً، أنه محمد بن عبد المطلب: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب) فليس هذا على سبيل الفخر، وإنما خاطبهم بما كانوا ينادونه به.