الباب الثالث والعشرون: (باب المبادرة بالغزو -المبادرة: المسارعة- وتقديم أهم الأمرين المتعارضين).
أي: لو كان عندي أمران متعارضان أُقدّم أهم الأمرين، ولذلك يقول العلماء: ليس بفقيه من فرّق بين الخير والشر، إنما الفقيه من عرف شر الشرين وخير الخيرين.
أما معرفة الخير من الشر فهو أمر معلوم لكل إنسان، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الحلال بيّن والحرام بيّن) أي بيّن لكل الناس، من مِن الناس لا يعرف أن الزنا حرام، وأن القتل حرام، وشرب الخمر حرام، والسرقة حرام؟ كل الناس يعرفون ذلك، وكل الناس يعرفون أن الله أوجب الصلاة والصيام والزكاة والحج، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه بيّن قال: (وبينهما -أي: بين الحلال والحرام- أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس) ومفهوم المخالفة أنه: يعلمهن قليل من الناس، وهم الذين قال الله عنهم: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43] أي: أهل العلم.