حكم أكل ذبائح اليهود والنصارى

قال: (وفي هذا الحديث دليل على جواز أكل شحوم ذبائح اليهود) واليهود ليسوا كالنصارى، إذ إن النصارى يأكلون الموقوذة والمنطوحة، والمتردية، وأي نتن أو جيفة يأكله النصارى؛ لأنهم يتقربون إلى الله تعالى -بزعمهم- بهذه الأنتان والأوساخ، لكن اليهود رغم أنهم أخبث الخلق على الإطلاق، إلا أنهم لا يأكلون شيئاً إلا مذبوحاً، حتى في أمريكا تجد المصانع هناك والشركات حريصة كل الحرص على أن تضع على البضائع والمطعومات والمشروبات علامة صناعة يهودية، وكذا الدواء فوزارة الصحة تمر على المحلات فتأخذ عينة من الدواء فتقوم بتحليلها كل فترة من الفترات، فإذا وجدوا أن الأوصاف المذكورة لدى وزارة الصحة غير موجودة أو فيها خلل صارت مصيبة سوداء لا يمكن علاجها.

فهم على أية حال كفار، لكن يحترمون قوانينهم الأرضية، ونحن مسلمون، لكن لا نحترم الله ولا نحترم الرسول، ولا القرآن ولا الشريعة، وهم أيضاً يحترمون كفرهم، ونحن لا نحترم إيماننا ولا نحترم ديننا؛ وهذا سبب ذلنا وإهانتنا.

فاليهود لا يمكن أن يأكلوا ذبيحة إلا إذا كانت مذبوحة، وفوق هذا لابد أن يذبحوا بأنفسهم، وحرموا على أي مجازر أخرى أن تذكر اسم اليهود على منتجاتها ومصنوعاتها من اللحوم والشحوم وغير ذلك، إلا إذا كان هذا المصنع ملكاً لليهود أبداً.

وكان اليهود من قبل لا يتحرزون قط من ذبائح المسلمين، فكانوا يأكلونها بغير تردد، أما الآن لا يأكلونها مطلقاً؛ وذلك لعلمهم أن المسلمين تهاونوا في قضية الذبح على الشريعة الإسلامية، فهم على الأقل يأخذون هذا من باب الصحة لا من باب التدين، واليهود يختلفون معنا في ضوابط الذبح، فنحن نذبح من الحلق والأوداج وهم يذبحون من الرقبة، وذبحنا شرعي وذبحهم غير شرعي، لكن على أية حال هم يذبحون ولا يصعقون بالكهرباء، ولا يردونها من مكان عال ولا يقتلونها، أما النصارى فقد يجدون جيفة على سطح الأرض فيأكلونها؛ لأن النصارى في الغالب يميلون في عبادتهم إلى النجاسات والأنتان والأوساخ والأقذار، خلافاً لليهود.

قال: (وفي هذا الحديث دليل لجواز أكل شحوم ذبائح اليهود، وإن كانت شحومها محرمة عليهم، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وجماهير العلماء).

واليهود لا يأكلون الخنزير، وإنما النصارى هم الذين يأكلون الخنزير، مع أن الله تعالى حرّم على النصارى الخنزير، أي: أنه ليس حلالاً.

قال: (قال الشافعي وأبو حنيفة والجمهور في شحوم اليهود: لا كراهة فيها، وقال مالك: هي مكروهة.

وقال أشهب وابن القاسم المالكيان وبعض أصحاب أحمد: هي محرمة.

وحكي هذا أيضاً عن مالك واحتج الشافعي والجمهور بقول الله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة:5].

أي: ذبائح أهل الكتاب).

ولا يقصد بالطعام الفاصوليا والبطاطس فهذا حلال حتى وإن كان في أرض مجوسية، فإنه حلال.

إذاً: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة:5] يحمل معنى مقيداً عن مطلق الطعام وهو الذبائح، فإذا ذبح اليهود وذبح النصارى فذبيحة اليهودي وذبيحة النصراني قد أحلها الله تعالى لنا، أما ذبيحة تارك الصلاة فهي حرام، قال الله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة:5] طعامهم حل لكم في كل وقت في الحرب وفي غير الحرب.

قال: (قال المفسرون: المراد به: الذبائح ولم يستثن منها شيئاً لا لحماً ولا شحماً ولا غيره.

وفي هذا الحديث: حل ذبائح أهل الكتاب وهو مُجمع عليه ولم يخالف في ذلك إلا الشيعة).

فالشيعة لا يأكلون من ذبائح أهل الكتاب، ولا شك أن هذا مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة.

قال: (ومذهبنا ومذهب الجمهور إباحتها سواء سموا الله تعالى عليها أم لا.

وقال قوم: لا يحل إلا أن يسموا الله تعالى، فأما إذا ذبحوا على اسم المسيح أو كنيسة ونحوها فلا تحل تلك الذبيحة عندنا) وهذا الذي يترجّح لدي، إذا ذبحوا باسم الصليب أو المسيح أو الكنيسة فإن هذا شرك بالله تعالى، أما اليهود الذين يعتقدون أن الله تعالى في السماء، والنصارى الذين يعتقدون أن الله تعالى في السماء، وأن عيسى هو نبي الله وكلمته وروح منه ألقاها إلى مريم، فإذا كان هذا معتقد اليهودي أو النصراني وذبح فإن ذبيحته حلال، ودون ذلك خرط القتاد.

قال: (وبهذا قال جماهير العلماء).

أما قوله: (فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستحييت منه) أي: حينما أُلقي إليه جراب من شحم أو لحم قال: فأخذته فاحتضنته مخافة أن يأخذه غيري.

قال: والله لا أعطي اليوم من هذا أحداً شيئاً.

ثم نظر بعد أن قال كلمته فإذا رسول الله عليه الصلاة والسلام قد سمع الكلمة وابتسم لها، فهذه الابتسامة الرقيقة اللطيفة جعلت الحياء يذبح قائلها فقال: (فاستحييت منه).

والله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015