الباب العاشر: (باب: جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها).
أنتم تعلمون أن الشرع قد نهى عن قطع الأشجار، وقد أجاز مع وجود هذا النهي قطع أشجار الكفار وتخريب ديارهم بأيديهم وأيدي المؤمنين.
[حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح قالا: أخبرنا الليث بن سعد المصري.
وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن نافع عن عبد الله: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّق نخل بني النضير وقطع)].
يعني حرّق جزءاً وقطع جزءاً من النخل، وكلمة النخل لا تطلق إلا على نفس التمر والبلح، ونخل بني النضير كان في مكان يسمى البويرة.
[زاد قتيبة وابن رمح في حديثيهما: (فأنزل الله عز وجل: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر:5])].
واللينة هي أنواع الثمر كلها، إلا العجوة كما يقول ابن منظور.
وبعضهم قال: بل كل الأشجار والنخيل تسمى لينة للينها وتمايلها.
قال تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر:5].
[حدثنا سعيد بن منصور وهناد بن السري قالا: حدثنا ابن المبارك عن موسى بن عقبة - وهو إمام المغازي والسير- عن نافع عن ابن عمر: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق)] أي: أنه قطع جزءاً وحرّق جزءاً، أو قطع النخل ثم حرّقه بعد ذلك.
قال: [(ولها يقول حسان -أي: حسان بن ثابت رضي الله عنه يقول لذلك شعراً-: وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير -والسراة: أشرف القوم- وفي ذلك نزلت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً} [الحشر:5] الآية)].
قال الإمام: (وقد ذكرنا قبل هذا أن أنواع نخل المدينة مائة وعشرون نوعاً).
وهذا ليس ببعيد، فأنت إذا ذهبت إلى المدينة المنورة أو مكة المكرمة إلى سوق التمور لوجدت هناك من الأنواع ما لا حصر له، منها الرديء ومنها الجيد، والغالي والرخيص.
(وفي هذا الحديث: جواز قطع شجر الكفار وإحراقه، وبه قال عبد الرحمن بن القاسم ونافع مولى ابن عمر).