الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد: ذكرنا في الدرس الماضي أن أهل السنة والجماعة يؤمنون بأسماء الله وصفاته من غير تحريف ولا تعطيل، وشرحنا معنى التحريف والتعطيل، وبقي معنا أنهم يؤمنون بها من غير تكييف ولا تمثيل، ونتكلم في هذه الليلة بعون الله تعالى على التكييف والتمثيل.
لم يرد لفظ التكييف لا في الكتاب ولا في السنة، ولكن ورد ما يدل عليه، والتكييف هو الذي تسأل عنه بكيف، مثل قولك: كيف جاء زيد؟ فيكون
صلى الله عليه وسلم جاء راكباً، أو جاء راجلاً، أي: أنك تصف حاله حين المجيء.
أهل السنة والجماعة لا يكيفون صفات الله عز وجل، فمثلاً: يقولون عن صفتي المجيء والنزول: إن الله تعالى ينزل، ويجيء، نزولاً ومجيئاً لا يعلم كيفيته إلا الله، ولكن المجيء والنزول وبقية صفات الله عز وجل معلومة من حيث اللفظ والمعنى، وأما الكيفية فلا نعلمها، بل نفوض أمرها إلى الله عز وجل، فهو الذي يعلم كيف يأتي، وكيف ينزل، وغير ذلك من الصفات.
فأهل السنة والجماعة الذين هم على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إنما يفوضون الكيف، ولا يفوضون المعنى، فإن المعنى ثابت كما ثبت اللفظ.