الشرط السادس من شروط قول لا إله إلا الله محمد رسول الله: الإخلاص، وهو تصفية العمل بصالح النية، فلابد أن تكون نيتك خالصة لله عز وجل، والله تعالى لا يقبل العمل إلا إذا توفر فيه شرطان: الشرط الأول: أن يكون خالصاً لله عز وجل، بحيث لا يبتغي بالعمل إلا وجه الله عز وجل.
الشرط الثاني: متابعة النبي عليه الصلاة والسلام في هذا العمل، ولذلك قلنا في تعريف قول لا إله إلا الله: هو توحيد المعبود، وفي قول: وأن محمداً رسول الله: هو توحيد المتبوع صلى الله عليه وسلم، وتوحيد الطريق الموصلة إلى الله عز وجل، ولابد أن يكون ذلك من خلال متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، فمن تعدى حد العبودية لله عز وجل وقع في الكفر، ومن تعدى حد اتباع النبي صلى الله عليه وسلم واجتهد في العبادة من عند نفسه أو بوصية شيخ أو طريقة أو غير ذلك، كان عمله غير مقبول ومردود على صاحبه؛ لأنه وقع في الابتداع، وقد جاء في الصحيح من حديث عائشة مرفوعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وفي اللفظ الآخر قال: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، أي: مردود عليه، ولا يؤجر عليه، وإنما هو مأزور.
قال: الإخلاص هو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك، قال الله تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر:3].
والدين هنا بمعنى العبادة، وقد عرف شيخ الإسلام ابن تيمية العبادة بقوله: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
فالخوف والرجاء والتوكل والرهبة والرغبة، والخشوع والخشية والإنابة والخضوع، والاستعانة والاستغاثة والنذر عبادة، لابد أن تؤدى لله عز وجل، فلا تشرك في هذه العبادة مع الله عز وجل أحداً غيره.
وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة:5].
وقال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزمر:2].
وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزمر:11].
وقال تعالى: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} [الزمر:14].
وقال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:145 - 146].
وغير ذلك من الآيات.
وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه، أو قال: خالصاً من نفسه).
فليس هناك شريك لله ولا ند ولا مثيل.
وفي الصحيح عن عتبان بن مالك أيضاً أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل)، أي: لا يبتغي بذلك جاهاً ولا عرضاً.
ولا غير ذلك مما يمكن أن يعترضه في حياته الدنيا.