شرح حديث قتل عبد الله بن سهل في خيبر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث -وهو الليث بن سعد المصري - عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن بشير بن يسار الحارثي -مولى الأنصار وهو مدني ثقة، فقيه- عن سهل بن أبي حثمة]-وهو ابن سعيد بن عامر الأنصاري الحزرجي المدن وهو صحابي صغير، ولد سنة ثلاث من الهجرة-[قال يحيى -أي: الأنصاري - وحسبت قال- وعن رافع بن خديج] يعني: سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج [أنهما قالا: (خرج عبد الله بن سهل بن زيد ومحيصة بن مسعود بن زيد -وهما أبناء عمومة- حتى إذا كانا بأرض خيبر تفرقا في بعض ما هنالك - أي: تفرقوا في النخل والبساتين، هذا ذهب من جهة والآخر ذهب في ناحية أخرى - ثم إذا محيصة يجد عبد الله بن سهل قتيلاً، فدفنه ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وحويصة بن مسعود، وعبد الرحمن بن سهل، وكان أصغر القوم)].

القصة باختصار: أن عبد الله بن سهل بن زيد ومحيصة بن مسعود بن زيد ذهبا إلى أرض خيبر، فلما وصلا إلى خيبر تفرقا، وسار كل منهما في طريق، فإذا بـ محيصة قد وجد عبد الله بن سهل بن سعد بن زيد قتيلاً، فرجع أي: محيصة إلى المدينة وقبل أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أخاه حويصة، وأخبر كذلك أخا القتيل واسمه عبد الرحمن بن سهل بن زيد.

فهذه القصة فيها أربعة أشخاص: محيصة، وحويصة، وعبد الله، وعبد الرحمن فذهبوا جميعاً -أي: الثلاثة- إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

[(فذهب عبد الرحمن ليتكلم -أي: مع النبي عليه الصلاة والسلام قبل صاحبيه- أي: قبل ابني عمه حويصة ومحيصة - لأنه شقيق المقتول، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كبر)] أي: ما دام حويصة أكبر منك سناً فلا ينبغي لك أن تتقدم بين يديه بالكلام؛ لأنه أكبر منك.

[(فصمت - أي: سكت - فتكلم صاحباه وتكلم معهما - أي: بعدهما - فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مقتل عبد الله بن سهل، فقال لهم: أتحلفون خمسين يميناً فتستحقون صاحبكم)] يعني: أتحلفون خمسين يميناً بالله أن فلاناً قتله؟ أتتهمون أحداً بعينه؟ أيغلب على ظنكم أن فلاناً قتل أخاكم؟ إذا كنتم تشكون أو تظنون أو يغلب على ظنكم هذا فاحلفوا خمسين يميناً وحينئذ أقضي لكم بالقصاص منه أو بالدية.

قال: [(أتحلفون خمسين يميناً فتستحقون صاحبكم أو قاتلكم؟ قالوا: وكيف نحلف ولم نشهد) أي: نحن لم نشهد القتل، وإنما بيننا وبين خيبر عهد وميثاق كما تعلم، وأهل خيبر يهود، واليهود أنقض الناس للعهود وأغدر الناس ولذلك نحن نتوقع أن يكونوا هم الذين قتلوا أخانا عبد الله بن سهل.

قال: [(قالوا: وكيف نحلف ولم نشهد -أي: لم نر بأعيننا، ولم نشاهد القتل بأنفسنا- قال النبي عليه الصلاة والسلام: فتبرئكم يهود بخمسين يميناً)] أي: يحلف اليهود خمسين يميناً فتبرأ ساحتهم من دم أخيكم.

[(قالوا: وكيف نقبل أيمان قوم كفار)] هؤلاء يهود يا رسول الله وهم كفار فكيف نقبل أيمانهم وهم كفار [(فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى عقله)] أي: دفع لهم الدية.

ومعنى عقله.

أي: ربط الإبل بعقلها في ساحة أولياء القتيل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في القتل الخطأ: (وديته على العاقلة) والعاقلة هم أولياء القاتل؛ لأنهم يعقلون الإبل التي تدفع دية لأولياء القتيل، يعقلونها في ساحة أولياء القتيل، ولذلك سميت الدية على هذا النحو (عاقلة).

لما رأى النبي عليه الصلاة والسلام قوماً يأبون الحلف؛ لأنهم لم يشهدوا، ولم يقبلوا أيمان الآخرين؛ لأنهم كفار، فأراد أن يطيب خاطرهم بأن ساق الدية من عند نفسه عليه الصلاة والسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015