قال الإمام النووي رحمه الله: أما قوله: (البكر بالبكر والثيب بالثيب) فليس هو على سبيل الاشتراط).
حتى لا يفهم أحد أن الثيب إذا زنى بثيب يرجم الاثنان، وإذا زنى بكر ببكر يجلد الاثنان، فالمقصود: أن عقوبة البكر سواء زنى ببكر أو زنى بثيب الجلد، وعقوبة الثيب إذا زنى بثيب أو زنى ببكر الرجم.
قال: (بل حد البكر الجلد والتغريب سواء زنى ببكر أم بثيب، وحد الثيب الرجم سواء زنى بثيب أم ببكر؛ فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب).
قال: (واعلم أن المراد بالبكر من الرجال والنساء: من لم يجامع في نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقل).
أي: أن البكر: هو من لم يجامع، والثيب: هو من جامع، وشرط الثيب أن يجامع في نكاح صحيح، لا وطء بشبهة ولا نكاح فاسد، بل نكاح صحيح قد اكتملت شروطه وأركانه، هذا الذي يسمى فيه صاحبه ثيباً، فلو أن رجلاً دخل بامرأة وهو مجبوب أو عنين لا يقوى على إتيان النساء وظلت سنوات ولم يفض بكارتها ثم زنت، هل يقام عليها حد الثيب أو البكر؟
صلى الله عليه وسلم يقام عليها حد البكر، فالضابط في اعتبار الثيوبة والبكارة ليس هو البناء، وإنما هو الجماع.
كذلك لو زنت البكر قبل البناء، ثم زنت بعد ذلك هل يعتبر زناها الأول رافعاً لوصف البكارة؟
صلى الله عليه وسلم لا يعتبر، وإن زنت قبل الإحصان مراراً وتكراراً فهي بكر.
إذاً: الضابط في حق من بني بها: الجماع، والضابط في حق من لم تتزوج الزواج الصحيح.
فهاتان قاعدتان ينبغي حفظهما جيداً، بل ينبغي أن يكون المحدود بالغاً؛ لأن غير البالغ ليس مكلفاً، كما أنه ينبغي أن يكون عاقلاً احترازاً من المجنون، وينبغي أن يكون حراً، والرجل والمرأة في هذا سواء، وسواء في كل هذا المسلم والكافر والرشيد والمحجور عليه لسفه أو غيره.
أستغفر الله تعالى لي ولكم، وصلى الله على نبينا محمد.