قال: وقد ذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى الجمع بين الجلد والرجم في حق الثيب الزاني.
يعني: مذهب الحنابلة الجمع بين الجلد والرجم في حق الثيب الزاني، خلافاً للجمهور يرى أن الثيب الزاني إنما يرجم فقط من غير جلد، أي: أخذوه بأقصى العقوبتين، فأقصى العقوبة الرجم.
قال: قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزاً والغامدية واليهوديين ولم يثبت أنه جلدهم قبل الرجم.
وإنما رجمهم مباشرة، ففعله عليه الصلاة والسلام ناسخ عند الجمهور لقوله: (وجلد مائة).
قال: أما قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء:16] أي: واللذان يفعلان الفاحشة فآذوهما.
قال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير وغيرهما: أي: أوذوهما.
وقال عبد الله بن كثير: نزلت في الرجل والمرأة إذا زنيا.
وقال السدي: نزلت في الفتيان من قبل أن يتزوجوا.
وقال مجاهد: نزلت في الرجلين إذا فعلا ـ يعني: اللواط.
وقيل غير ذلك في هذا النص.
قال: وقوله: {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا} [النساء:16] أي: أقلعا ونزعا عما كانا عليه وصلحت أعمالهما وحسنت.
{فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء:16] أي: لا تعنفوهما بكلام قبيح بعد ذلك.
لأنه لا يحل لأحد قط أن يعير أحداً وقع في ذنب فتاب منه، وأنتم تعلمون حديث المحاجة بين آدم وموسى، فحاج آدم موسى؛ لأن موسى عيره بذلك بعد أن تاب، والله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء:16].
قال الإمام النووي عليه رحمة الله: (اختلف العلماء في هذه الآية: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} [النساء:15] فقيل: هي محكمة، وهذا الحديث مفسر لها.
وقيل: بل منسوخة بالآية التي في سورة النور: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور:2].
وقيل: إن آية النور في البكرين وهذه الآية في الثيبين).