باب: إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة.
قال: [عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى حتى انتفخت قدماه)، وفي رواية: (تورمت قدماه)]، وفي رواية: [(انفطرت أو تفطرت قدماه)].
ومعنى: (تفطرت)، أي: تشققت بسبب طول العبادة، صلى الله عليه وسلم.
[(فقيل له: أتكلف هذا)]، يعني: لم تتكلف هذا؟ [(وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً)].
يعني: ألا أقابل نعم الله تعالى علي بالشكر والحمد! [وعن المغيرة قال: (قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى ورمت قدماه، قالوا: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر! قال: أفلا أكون عبداً شكوراً).
وعن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه، قالت عائشة: يا رسول الله! أتصنع هذا وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فقال: يا عائشة، أفلا أكون عبداً شكوراً)].
قال القاضي عياض: الشكر: معرفة إحسان المحسن، والتحدث به، يعني: أنت أحسنت إلي؛ فمن باب شكري لك على هذا الإحسان أن أذكر هذا الإحسان للناس، فالتحدث بإحسان المحسنين من أبواب الشكر، وسميت المجازاة على فعل الجميل شكراً؛ لأنها تتضمن الثناء عليه، وشكر العبد لله تعالى: هو اعترافه بنعمه، وثناؤه عليه، وتمام مواظبته على طاعته.
وأما شكر الله تعالى لأفعال عباده، ولعبادة العباد فذلك بأن يجازيهم عليها إحساناً ومعروفاً وتوفيقاً وسداداً، وأن يضاعف لهم الثواب، وأن يثني عليهم بما أنعم عليهم؛ لأن الله تعالى هو المعطي سبحانه، والشكور من أسماء الله سبحانه وتعالى.