ورب قائل يقول: ها هو البخاري الذي ما فتئتم تقولون: إنه لا يخرِّج في صحيحه إلا أصح الصحيح، مِن الرواة الذين هم في القمة، فها هو أحد رواته مُتَكَلَّمٌ فيه! كيف خرَّج له البخاري وقد تَكَلَّم فيه أهل العلم؟ نقول له: أولاً: الإمام البخاري لما روى هذا الحديث رواه من طريق شيخين آخرين هما في القمة، إذاً: هاذان الاثنان تابعا عارم بن الفضل أم لا؟ نعم تابعاه.
انتهى الإشكال! إذا كنت غضبان من عارم فاجعله جانباً، بقي الحديث الصحيح من الطريق الصحيح؛ لكن هذا يدل على أن عارماً حفظه، ولم يخلط فيه، بدلالة متابعة مسدد بن مسرهد، ومتابعة موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي، كلاهما روى هذا الحديث عن أبي عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
فمن الأشياء التي يدفع بها العلماء ضعف الراوي أو الكلام فيه: المتابعات الصحيحة.
هذا أولاً.
ثانياً: نفترض أن البخاري روى لـ عارم ولم يوجد له متابعة في صحيح البخاري، فما ردك؟ نقول: ننظر إلى هذا الحديث خارج صحيح البخاري، فسوف نجد متابعة لهذا الراوي خارج الصحيح، من الثقات، فيكون لا عتب على البخاري؛ لأن هذا الراوي توبع خارج الصحيح.
إذاً نفترض أن هذا الراوي ليس له متابعة داخل الصحيح، ولا خارج الصحيح، والعلماء تكلموا فيه، فما جوابك عن البخاري؟