رواية العلماء الأوائل عن آبائهم

ونعود مرة أخرى ونقول: إن الاهتمام بالأسانيد مسألة تفصيلية، فليس المقصود منها الأسانيد لذاتها؛ بل المقصود أن نعيد النظر في حياتنا كلها، وأن كل شيء لابد أن يكون له أصل، كما لو نظرنا هنا في هذا الحديث فوجدنا أن أصل الحديث هو الإسناد.

ومن الأشياء التي أريد أن أنبه عليها في هذا الإسناد أيضاً: قول محمد بن فليح: حدثني أبي.

أين هؤلاء الآباء؟ لقد انقرضوا، فلم نعد نسمع طالب علم يقول: حدثني أبي، أو وجدت في مكتبة أبي، أو قال لي جدي، مثلما كان في الأزمنة السابقة، فهذا الإمام أحمد بن حنبل أولاده علماء: عبد الله، وصالح، وأبو حاتم الرازي ابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، وزهير بن حرب ابنه أحمد بن أبي خيثمة صاحب التاريخ الشهير، وهكذا كان هناك أولاد يقول أحدهم: حدثني أبي، وسألت أبي.

إن ضياع مثل هذا النمط من حياتنا له أسباب كثيرة، من أهم هذه الأسباب: غياب العلماء الربانيين الذين يتدينون بعلمهم إننا نريد أن ننطلق في نصر هذا الدين مثلما ينطلق أهل الدنيا في صناعاتهم وفي تجاراتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015