حسن القصد في طلب العلم من عوامل الدفاع عن الدين

حسن القصد خاصةً في هذا الزمان الذي خلا من العلماء الربانيين إلا ما ندر، أنت ستحمل هم هذه الأمة، وهمتك تكون على قدر همك، فكلما عظم همك عظمت همتك، أنت تمضي في هذا الزمان، الزمان الذي حصل فيه مسخ، ولا زالوا مجدين في هذا المسخ، من الذي يقف ويدافع عن أصول هذا الدين؟! لا أقول: فروعه، ها أنتم قد قرأتم وسمعتم في الجمعة الماضية عن مقالة الولد الصحفي، الذي كتب عن محاكمة فرعون، قصة اخترعها يقول فيها: إن هناك شخصاً مصرياً اسمه فلان الفلاني، سمع الناس كلها تقول: إن فرعون كافر، فاستغرب الرجل! فرعون كافر! الفراعنة أجدادنا، فقال: لابد أن أقوم وأدافع عن فرعون هذا، مقام وقدم طلباً للمحكمة فيه: أنه يريد أن يدافع عن فرعون، وفي الأخير يقول: إن فرعون مسلم، فرعون الذي ادعى الربوبية هذا مسلم! كيف صار مسلماً؟ قال: لأنه قال كلمة: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ} [يونس:90] ، فعندما قال: لا إله إلا الله أصبح مسلماً، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) .

حسن! فما آلآنَ} [يونس:91] ؟ يعني: آلآن تبت لما عاينت الهلاك والعذاب {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:91] ، قال: (كنت) للماضي، لكن فرعون تاب الآن، فما علينا بماضيه؛ لأن الإنسان إذا تاب فإن التوبة تجب ما قبلها.

إذاً: (كنت) هذه للماضي، هو هذا ماضيه وختم له به، وليس له مستقبل.

يعني: أنت لما تقرأ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء:96] إذاً (كان) يعني في الماضي.

قلنا: فرعون عندما قال: و {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات:24] ، ما قولك فيه؟ قال: الجماعة هؤلاء -يقصد العلماء- لا يفهمون معنى كلمة (رب) ، الرب تعني: الراعي والمهتم بالرعية.

حسن قوله تعالى: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى} [النازعات:25] هذه الآية وغيرها أين تذهب بها؟ وقوله:: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هود:98] وقوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ} [غافر:46] هنا وقف في قراءة، وهذا واضح، فكيف تتأول هذه الآية؟! فذلك الشخص يريد أن يثبت أننا فراعنة، وأننا لا ننتمي إلى الإسلام، وإنما ننتمي إلى الفرعونية.

وهذه القصة وردت في صفحة كاملة.

والصفحة الكاملة تكلف ثلاثمائة ألف، يعني هناك خسارة ثلاثمائة ألف ليُنشر مثل هذا الكفر، وقد أهدر الله عز وجل كل اعتبار لفرعون كما في القرآن، هذه مسألة من المعلوم من الدين بالضرورة، وهي: أن فرعون من الكافرين، عندما تصل الجرأة برجل فيقول: إن فرعون مسلم؛ لأنه لا يوجد من يحاكمه، ولا من يراجعه، بالعكس لقد أخذ أجراً على هذا الكفر الذي نشره، ويذهب إلى بيته آمناً، ولا توجد حتى لجنة تحاوره، وكذلك علماء الأزهر لم يواجهوه، وإلا كان المفروض في اليوم الثاني أن تنزل لجنة من الأزهر تطالب بمحاكمته، وتوقفه عند حده، لكن حتى الآن ليس هناك رد في الجرائد عن مثل هذا الكفر، وهذا تكذيب لرب العالمين، عندما يأتي شخص يقول: إن فرعون مسلم، هذا تكذيب صريح لرب العالمين، وقد امتلأ القرآن بتكفير فرعون.

هؤلاء عندما كتبوا كفرهم ولم يحاكموا؛ أغرى ذلك غيرهم ليسلك نفس الدرب؛ لأن هذا الأنوك سبقه أنوك آخر، ليس له من العلم نصيب؛ إنه توفيق الحكيم -حيث لا توفيق ولا حكمة- الرجل هذا ألَّف رواية اسمها (الشهيد) ، يقول فيها: إن إبليس مظلوم، وإن ربنا سبحانه وتعالى لم يعطه الفرصة ليدافع عن نفسه، وذلك أنه أول ما قال: (أنا خير منه) ، قال له: (اخرج منها فإنك رجيم) .

هذا الوقح يخاطب الله عز وجل فيقول: اعطه فرصه، دعه يدافع عن نفسه ثم يقول -على لسان إبليس مخاطباً رب العالمين- يقول: يا رب! أنا الذي وحدتك، والملائكة أشركوا.

كيف ذلك؟ قال: أنا رفضت أن أسجد إلا لك، وهم سجدوا لبشر، والسجود للبشر كفر.

أنا لا أستبعد يا إخواننا! أن يخرج آخر أنوك يقول: إن رب العالمين مشرك.

كيف ذلك؟ سيقول لك: إن ربنا أقسم بالشمس وضحاها والتين والزيتون، ولا يجوز الحلف إلا بالله! يا أخي! لا تستغرب، لا تستغرب مثل هذا، ما كان يخطر على بال إنسان أن يخرج واحد يقول شخص: إن إبليس مظلوم؛ لأن رب العالمين لم يعطه الفرصة ليدافع عن نفسه والله ما كان يخطر على البال على الإطلاق أن يصل هذا الكفر المجرد إلى هذا الحد، وتنشر الرواية، وبعد ذلك يصوغها في أسلوب هزلي لكي تلتبس على علماء الشريعة، يقول فيها: إن إبليس أراد أن يتوب، قال: يا جماعة دلوني على الذي يقبل توبتي؟ قالوا له: عليك بأكبر رأس، من هو؟ إنه شيخ الأزهر، مرشد الأزهر هو أكبر رأس، شيخ الإسلام في البلد، قل له: أنا أريد أن أتوب.

فجاء إبليس إلى شيخ الأزهر، قال له: القرآن مليءٌ بأن الإنسان إذا أراد أن يتوب فله ذلك: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى:25] : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا} [الزمر:53] وأنا الآن اكتشفت أنني كنت مخطئاً وأريد أن أتوب، فاقبل توبتي.

فأخذ شيخ الأزهر يلعب بلحيته، يعني أن الحجة التي أتى بها إبليس كانت قوية، لم يستطع أن يأتي برد، فالرجل لعب بلحيته؛ لأنه ألزمه الحجة.

قال شيخ الأزهر لإبليس: هل تبت؟ قال: نعم.

قال له: إن نصف القرآن يلعنك، وأنا لو قبلت توبتك فإني سأبطل القرآن.

لا أقبل توبتك؛ لأني في هذه الأرض أدافع عن القرآن، لا يمكن نلغي نصف القرآن من أجل أن نقبل توبتك، قال له: لكن أنا أريد أن أتوب، لو أن شخصاً من بني آدم أراد أن يتوب هل ستقول له: لا؟! أنا أريد أن أتوب، وهذا نص القرآن الذي تقرأه، والذي تدافع عنه: إن أي شخص يريد أن يتوب فله ذلك.

قال: حينئذ سكت شيخ الأزهر قليلاً وقال: المسألة هذه أعلى من اختصاصي، أنا كل اختصاصي أن أرفع من مكانة الأزهر، وألمع الأزهر فقط، أما المسألة هذه فتحتاج إلى شخص أكبر مني قليلاً.

إذاً: لمن أذهب؟ قال له: اذهب إلى جبريل.

يا إخوان! الرواية مكتوبة وتباع! فذهب إبليس وصعد إلى جبريل، وقال له: أريد أن أتوب، فقال جبريل: لا، هذه المسألة ليست من اختصاصي، هذه لا يفصل فيها إلا رب العالمين، عليك برب العالمين، فإن بابه مفتوح، فذهب إبليس إلى رب العالمين فلعنه، فطفق نازلاً وهو يصرخ صرخة -انظر إلى الكفر المجرد! - تجاوبت لها السماوات والأرض والأشجار والأفلاك والأحجار والرمال والبحار والأنهار ويقول: أنا شهيد، أنا شهيد، أنا شهيد.

يعني: أنا مظلوم! فهو عندما رده رب العالمين نزل وهو يقول: أنا مظلوم، فكل الكون تجاوب معه؛ لأنه مظلوم هل يصلح يا إخواننا مثل هذا الكلام؟! نحن نعاني من محنة لا يعلمها إلا الله.

لا يعلمها إلا الله.

ونحتاج فيها كتيبة من العلماء في كل حي، لا أقول كتيبة من العلماء في البلد، بل في كل حي، الأمر جد وليس بهزل، فهذا الكفر الذي يظهر يومياً على صفحات الجرائد، ناهيك عن رسومات (الكاريكاتير) التي تستهزئ بالله ورسوله، رسم رجل هنا (كاريكاتير) فنقله شخص في جريدة كويتية وآخر نقله في الجريدة فعوقب الذي في الكويت بستة أشهر في السجن، والذي رسم (الكاريكاتير) في هذا البيلد لم يعاقبه أحد، وجاء في جريدة في صفحة النكت أن مدرساً سأل تلميذه فقال: لماذا أخرج الله آدم من الجنة؟ فقال له الطالب: لأنه ما دفع الإيجار! هل يجوز هذا الكلام؟!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015