واجبة؛ لأنه لما قال: (حبشى) ، وقد قال: (الخلافة فى قريش) ، دل أن الحبشى إنما يكون متغلبًا، والفقهاء مجمعون على أن طاعة المتغلب واجبة ما أقام على الجمعات والأعياد والجهاد وأنصف المظلوم فى الأغلب، فإن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما فى ذلك من تسكين الدهماء وحقن الدماء، فضرب عليه السلام، المثل بالحبشى إذ هو غاية فى الذم، وإذْ أمر بطاعته لم يمنع من الصلاة خلفه، فكذلك المذموم ببدعة أو فسق. قال المهلب: قوله: اسمع وأطع لحبشى، يريد فى المعروف لا فى المعاصى، فتسمع له وتطيع فى الحق، وتعفو عما يرتكب فى نفسه من المعاصى ما لم يأمر بنقض شريعة، ولا بهتك حرمة لله تعالى، فإذا فعل ذلك فعلى الناس الإنكار عليه بقدر الاستطاعة، فإن لم يستطيعوا لزموا بيوتهم أو خرجوا من البلدة إلى موضع الحق إن كان موجودًا. وأما قول الزهرى: لا نصلى خلف المخنث إلا من ضرورة، فوجه ذلك أن الإمامة عند جميع العلماء موضع للكمال واختيار أهل الفضل، والمخنث مشبه بالنساء، فهو ناقص عن رتبة من يستحق الإمامة. وإنما ذكر البخارى هذه المسألة فى هذا الباب، والله أعلم؛ لأن المخنث مفتتن فى تشبهه بالنساء، كما أن إمام الفتنة والمبتدع كل واحد منهم مفتون فى طريقته فلما شملهم معنى الفتنة شملهم الحكم، فكرهنا إمامتهم إلا من ضرورة.