وقوله: (فلما رآه أبو بكر استأخر) ، دليل واضح أنه لم يكن عنده مستنكرًا أن يتقدم الرجل عن مقامه الذى قام فيه فى صلاته ويتأخر، وذلك عمل فى الصلاة من غيرها، فكلُّ ما كان نظير ذلك، فعلهُ فَاعِل فى صلاته لأمر دعاه إليه، فذلك جائز.

44 - باب مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ فَجَاءَ الإمَامُ الأوَّلُ فَتَأَخَّرَ الأوَّلُ، أَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ، جَازَتْ صَلاتُهُ

/ 69 - فيه: سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو ابْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، فَحَانَتِ الصَّلاةُ، فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَتُصَلِّي لِلنَّاسِ فَأُقِيمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) وَالنَّاسُ فِي الصَّلاةِ، فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ، فَصَفَّقَ النَّاسُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لا يَلْتَفِتُ فِي صَلاتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ، الْتَفَتَ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ؟) ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ لابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (مَا لِي أرَاكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ؟ ، مَنْ رَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاتِهِ، فَلْيُسَبِّحْ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ) . فى هذا الحديث من الفقه الرد على الشافعى، وأهل الظاهر فى إنكارهم استخلاف الإمام فى الصلاة، إذا نابه فيها ما يخرجه منها، من يُتم بهم صلاتهم، وذلك أن النبى (صلى الله عليه وسلم) ، جاء وقد صلى أبو بكر بالناس بعض الصلاة، فتقدم النبى (صلى الله عليه وسلم) ، وصار الإمام، وصار أبو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015