يَوْمَ قَدَّمَهُ للصلاة كان اقرأ أمته لكتاب الله وأعلمهم وأفضلهم؛ لأنهم كانوا لا يتعلمون شيئًا من القرآن حتى يتعلموا معانيه وما يراد به، كما قال ابن مسعود: كان الرجل منَّا إذا تعلم عشر آياتٍ لم يجاوزهن حتى يتعلم معانيهن والعمل بهن. ولما كان النبى (صلى الله عليه وسلم) لا يستحق أن يتقدمه أحد فى الصلاة وجعل ما كان إليه منها بمحضر جميع الصحابة لأبى بكر، رضى الله عنه، كان جميع أمور الإسلام تبعًا للصلاة، ولهذا قدمه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للصلاة، والصلاة لا يقوم بها إلا الدعاة ومن إليه السياسة وعقد الخلافة؛ كصلاة الجمع والأعياد التى لا يصلح القيام بها إلا لمن إليه القيام بأمر الأمة وسياسة الرعيّة. وصح أنه أفضل الأُمة بعدهُ لقيام الحجة بأن أولى البرية بعقد الخلافة أفضلهم وأقومهم بالحق وأعدلهم وأوفرهم أمانة وأحسنهم على محجة الحق استقامة، وكذلك كان الصديق، رضى الله عنه. قال المهلب: إن قال قائل: إن عمر أعلم من أبى بكر، واستدل بحديث الذَّنُوب والذَّنُوبيْن، و (فى نزعه ضعف) ، قيل: إنه ليس كما ظننت، إنما الضعف فى المدة التى وليها أبو بكر، لا فيه ولا فى علمه، إنما كان الضعف فى نشر السنن لقرب مدته وضعفها عن أن يتمكن بتثبيت؛ لأنه ابتلى بارتداد الناس ومقاتلة العرب. وأما مراجعة عائشة، وحرصها أن يستخلف غير أبى بكر، فإنما خَشِيَتْ أن يتشاءم الناس بإمامة أبى بكر فيقولون: مُذْ أمنَّا هذا فقدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وقد روى هذا عنها، رضى الله عنها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015